شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

77 - ومن وصية له # لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج

صفحة 71 - الجزء 18

٧٧ - ومن وصية له # لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج

  لاَ تُخَاصِمْهُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّ اَلْقُرْآنَ حَمَّالٌ ذُو وُجُوهٍ تَقُولُ وَيَقُولُونَ ... وَلَكِنْ حَاجِجْهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَجِدُوا عَنْهَا مَحِيصاً هذا الكلام لا نظير له في شرفه وعلو معناه وذلك أن القرآن كثير الاشتباه فيه مواضع يظن في الظاهر أنها متناقضة متنافية نحو قوله {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}⁣[الأنعام: ١٠٣] وقوله {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}⁣[القيامة: ٢٣] ونحو قوله {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ٩}⁣[يس: ٩] وقوله {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}⁣[فصلت: ١٧] ونحو ذلك وهو كثير جدا وأما السنة فليست كذلك وذلك لأن الصحابة كانت تسأل رسول الله ÷ وتستوضح منه الأحكام في الوقائع وما عساه يشتبه عليهم من كلامهم يراجعونه فيه ولم يكونوا يراجعونه في القرآن إلا فيما قل بل كانوا يأخذونه منه تلقفا وأكثرهم لا يفهم معناه