شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

78 - ومن كتاب له # أجاب به أبا موسى الأشعري

صفحة 75 - الجزء 18

  وروي نفع ما أولى باللام يقول أوليته معروفا.

  وروي إن قال قائل بباطل ويفسد أمرا قد أصلحه الله.

  واعلم أن هذا الكتاب كتاب من شك في أبي موسى واستوحش منه ومن قد نقل عنه إلى أبي موسى كلاما إما صدقا وإما كذبا وقد نقل عن أبي موسى إليه كلاما إما صدقا أيضا وإما كذبا قال # إن الناس قد تغير كثير منهم عن حظهم من الآخرة فمالوا مع الدنيا وإني نزلت من هذا الأمر منزلا معجبا بكسر الجيم أي يعجب من رآه أي يجعله متعجبا منه.

  وهذا الكلام شكوى من أصحابه ونصاره من أهل العراق فإنهم كان اختلافهم عليه واضطرابهم شديدا جدا والمنزل والنزول هاهنا مجاز واستعارة والمعنى أني حصلت في هذا الأمر الذي حصلت فيه على حال معجبة لمن تأملها لأني حصلت بين قوم كل واحد منهم مستبد برأي يخالف فيه رأي صاحبه فلا تنتظم لهم كلمة ولا يستوثق لهم أمر وإن حكمت عليهم برأي أراه أنا خالفوه وعصوه ومن لا يطاع فلا رأي له وأنا معهم كالطبيب الذي يداوي قرحا أي جراحة قد قاربت الاندمال ولم تندمل بعد فهو يخاف أن يعود علقا أي دما.

  ثم قال له ليس أحد فاعلم أحرص على ألفة الأمة وضم نشر المسلمين.

  وأدخل قوله فاعلم بين اسم ليس وخبرها فصاحة ويجوز رفع أحرص بجعله صفة لاسم ليس ويكون الخبر محذوفا أي ليس في الوجود رجل.

  وتقول قد وأيت وأيا أي وعدت وعدا قال له أما أنا فسوف أفي بما وعدت وما استقر بيني وبينك وإن كنت أنت قد تغيرت عن صالح ما فارقتني عليه.