شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

خباب بن الأرت

صفحة 177 - الجزء 18

  ٤٦ - وَقَالَ # اَلظَّفَرُ بِالْحَزْمِ وَاَلْحَزْمُ بِإِجَالَةِ اَلرَّأْيِ وَاَلرَّأْيُ بِتَحْصِينِ اَلْأَسْرَارِ قد تقدم القول في كتمان السر وإذاعته.

  وقال الحكماء السر ضربان أحدهما ما يلقى إلى الإنسان من حديث ليستكتم وذلك إما لفظا كقول القائل اكتم ما أقوله لك وإما حالا وهو أن يجهر بالقول حال انفراد صاحبه أو يخفض صوته حيث يخاطبه أو يخفيه عن مجالسيه ولهذا قيل إذا حدثك إنسان والتفت إليه فهو أمانة.

  والضرب الثاني نوعان أحدهما أن يكون حديثا في نفسك تستقبح إشاعته والثاني أن يكون أمرا تريد أن تفعله.

  وإلى الأول أشار النبي ÷ بقوله من أتى منكم شيئا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله ø وإلى الثاني أشار من قال من الوهن والضعف إعلان الأمر قبل إحكامه وكتمان الضرب الأول من الوفاء وهو مخصوص بعوام الناس وكتمان الضرب الثاني من المروءة والحزم والنوع الثاني من نوعيه أخص بالملوك وأصحاب السياسات.

  قالوا وإذاعة السر من قلة الصبر وضيق الصدر ويوصف به ضعفة الرجال