شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

قصة التحكيم ثم ظهور أمر الخوارج

صفحة 219 - الجزء 2

  قد أحسست بالفتح قالوا لا نمهلك قال فأمهلوني عدوة الفرس فإني قد طمعت في النصر قالوا إذن ندخل معك في خطيئتك.

  قال فحدثوني عنكم وقد قتل أماثلكم وبقي أراذلكم متى كنتم محقين أحين كنتم تقتلون أهل الشام فأنتم الآن حين أمسكتم عن قتالهم مبطلون أم أنتم الآن في إمساككم عن القتال محقون فقتلاكم إذن الذين لا تنكرون فضلهم وأنهم خير منكم في النار قالوا دعنا منك يا أشتر قاتلناهم في الله وندع قتالهم في الله إنا لسنا نطيعك فاجتنبنا فقال خدعتم والله فانخدعتم ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم يا أصحاب الجباه السود كنا نظن صلاتكم زهادة في الدنيا وشوقا إلى لقاء الله فلا أرى فراركم إلا إلى الدنيا من الموت ألا فقبحا يا أشباه النيب الجلالة ما أنتم براءين بعدها عزا أبدا فابعدوا كما بعد القوم الظالمون.

  فسبوه وسبهم وضربوا بسياطهم وجه دابته وضرب بسوطه وجوه دوابهم وصاح بهم علي # فكفوا وقال الأشتر يا أمير المؤمنين احمل الصف على الصف تصرع القوم فتصايحوا أن أمير المؤمنين قد قبل الحكومة ورضي بحكم القرآن فقال الأشتر إن كان أمير المؤمنين قد قبل ورضي فقد رضيت بما رضي به أمير المؤمنين فأقبل الناس يقولون قد رضي أمير المؤمنين قد قبل أمير المؤمنين وهو ساكت لا يبض بكلمة مطرق إلى الأرض.

  ثم قال فسكت الناس كلهم، فقال: أيها الناس إن أمري لم يزل معكم على ما أحب إلى أن أخذت منكم الحرب وقد والله أخذت منكم وتركت وأخذت من عدوكم فلم تترك وإنها فيهم أنكى وأنهك ألا إني كنت أمس أمير المؤمنين فأصبحت اليوم