شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ من الوصايا الحكيمة

صفحة 396 - الجزء 18

  ١٧٢ - وَقَالَ # تَرْكُ اَلذَّنْبِ أَهْوَنُ مِنْ طَلَبِ اَلتَّوْبَةِ اَلْمَعُونَةِ هذا حق لأن ترك الذنب هو الإحجام عنه وهذا سهل على من يعرف أثر الذنب على ما ذا يكون وهو أسهل من أن يواقع الإنسان الذنب ثم يطلب التوبة فقد لا يخلص داعيه إليها ثم لو خلص فكيف له بحصوله على شروطها وهي أن يندم على القبيح لأنه قبيح لا لخوف العقاب ولا لرجاء الثواب ثم لا يكفيه أن يتوب من الزنا وحده ولا من شرب الخمر وحده بل لا تصح توبته حتى تكون عامة شاملة لكل القبائح فيندم على ما قال ويود أنه لم يفعل ويعزم على ألا يعاود معصية أصلا وإن نقض التوبة عادت عليه الآثام القديمة والعقاب المستحق ولا الذي كان سقط بالتوبة على رأي كثير من أرباب علم الكلام ولا ريب أن ترك الذنب من الابتداء أسهل من طلب توبة هذه صفتها.

  وهذا الكلام جار مجرى المثل يضرب لمن يشرع في أمر يخاطر فيه ويرجو أن يتخلص منه فيما بعد بوجه من الوجوه