شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

قصة غزوة الخندق

صفحة 63 - الجزء 19

  إلى البراز مرارا فلم يقم إليه أحد فلما أكثر قام علي # فقال أنا أبارزه يا رسول الله فأمره بالجلوس وأعاد عمرو النداء والناس سكوت كان على رءوسهم الطير فقال عمرو أيها الناس إنكم تزعمون أن قتلاكم في الجنة وقتلانا في النار أفما يحب أحدكم أن يقدم على الجنة أو يقدم عدوا له إلى النار فلم يقم إليه أحد فقام علي # دفعة ثانية وقال أنا له يا رسول الله فأمره بالجلوس فجال عمرو بفرسه مقبلا ومدبرا وجاءت عظماء الأحزاب فوقفت من وراء الخندق ومدت أعناقها تنظر فلما رأى عمرو أن أحدا لا يجيبه قال:

  ولقد بححت من الندا ... بجمعهم هل من مبارز

  ووقفت مذ جبن المشيع ... موقف القرن المناجز

  إني كذلك لم أزل ... متسرعا قبل الهزاهز

  أن الشجاعة في الفتى ... والجود من خير الغرائز

  فقام علي # فقال يا رسول الله ائذن لي في مبارزته فقال ادن فدنا فقلده سيفه وعممه بعمامته وقال امض لشأنك فلما انصرف قال اللهم أعنه عليه فلما قرب منه قال له مجيبا إياه عن شعره:

  لا تعجلن فقد أتاك ... مجيب صوتك غير عاجز

  ذو نية وبصيرة ... يرجو بذاك نجاة فائز

  إني لآمل أن أقيم ... عليك نائحة الجنائز

  من ضربة فوهاء يبقى ... ذكرها عند الهزاهز

  فقال عمرو من أنت وكان عمرو شيخا كبيرا قد جاوز الثمانين وكان نديم أبي طالب بن عبد المطلب في الجاهلية فانتسب علي # له وقال أنا علي بن أبي طالب فقال أجل لقد كان أبوك نديما لي وصديقا فارجع فإني لا أحب أن