شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نبذ من الأقوال الحكيمة في وصف حال الدنيا وصروفها

صفحة 306 - الجزء 19

  ٣٨٠ - وَقَالَ # فِي كَلاَمٍ آخَرَ لَهُ غَيْرِ هَذَا يَجْرِي هَذَا اَلْمَجْرَى: فَمِنْهُمُ اَلْمُنْكِرُ لِلْمُنْكَرِ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ فَذَلِكَ اَلْمُسْتَكْمِلُ لِخِصَالِ اَلْخَيْرِ وَمِنْهُمُ اَلْمُنْكِرُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَاَلتَّارِكُ بِيَدِهِ فَذَلِكَ مُتَمَسِّكٌ بِخَصْلَتَيْنِ مِنْ خِصَالِ اَلْخَيْرِ وَمُضَيِّعٌ خَصْلَةً وَمِنْهُمُ اَلْمُنْكِرُ بِقَلْبِهِ وَاَلتَّارِكُ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَذَاكَ فَذَالِكَ اَلَّذِي ضَيَّعَ أَشْرَفَ اَلْخَصْلَتَيْنِ مِنَ اَلثَّلاَثِ وَتَمَسَّكَ بِوَاحِدَةٍ وَمِنْهُمْ تَارِكٌ لِإِنْكَارِ اَلْمُنْكَرِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَيَدِهِ فَذَلِكَ مَيِّتُ اَلْأَحْيَاءِ وَمَا أَعْمَالُ اَلْبِرِّ كُلُّهَا وَاَلْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ عِنْدَ اَلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَاَلنَّهْيِ عَنْ اَلْمُنْكَرِ إِلاَّ كَنَفْثَةٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ وَإِنَّ اَلْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَاَلنَّهْيَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ لاَ يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ وَلاَ يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ قد سبق قولنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو أحد الأصول الخمسة عند أصحابنا ولجة الماء أعظمه وبحر لجي ذو ماء عظيم والنفثة الفعلة الواحدة من نفثت الماء من فمي أي قدفته بقوة.

  قال # لا يعتقدن أحد أنه إن أمر ظالما بالمعروف أو نهى ظالما عن منكر أن ذلك يكون سببا لقتل ذلك الظالم المأمور أو المنهي إياه أو يكون سببا لقطع رزقه من جهته فإن الله تعالى قدر الأجل وقضى الرزق ولا سبيل لأحد أن يقطع على أحد عمره أو رزقه.