فصل في الاستغفار والتوبة
  ٤٣٢ - وَقَالَ #: مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اَللَّهُ عَلاَنِيَتَهُ وَمَنْ عَمِلَ لِدِينِهِ كَفَاهُ اَللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ وَمَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اَللَّهِ أَحْسَنَ اَللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اَلنَّاسِ لا ريب أن الأعمال الظاهرة تبع للأعمال الباطنة فمن صلح باطنه صلح ظاهره وبالعكس وذلك لأن القلب أمير مسلط على الجوارح والرعية تتبع أميرها ولا ريب أن من عمل لدينه كفاه الله أمر دنياه وقد شهد بذلك الكتاب العزيز في قوله سبحانه {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق: ٢ - ٣].
  ولهذا أيضا علة ظاهرة وذاك أن من عمل لله سبحانه وللدين فإنه لا يخفى حاله في أكثر الأمر عن الناس ولا شبهة أن الناس إذا حسنت عقيدتهم في إنسان وعلموا متانة دينه بوبوا له إلى الدنيا أبوابا لا يحتاج أن يتكلفها ولا يتعب فيها فيأتيه رزقه من غير كلفة ولا كد ولا ريب أن من أحسن فيما بينه وبين الله أحسن الله ما بينه وبين الناس وذلك لأن القلوب بالضرورة تميل إليه وتحبه وذلك لأنه إذا كان محسنا بينه وبين الناس عف عن أموال الناس ودمائهم وأعراضهم وترك الدخول فيما لا يعنيه ولا شبهة أن من كان بهذه الصفة فإنه يحسن ما بينه وبين الناس