شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل فيما قيل في التفضيل بين الصحابة

صفحة 225 - الجزء 20

  بر قسمه ولم تطلق امرأته قال وأنى علمت ذاك قال نشدتك الله يا أمير المؤمنين ألم تعلم أن رسول الله ÷ قال لفاطمة # وهو عندها في بيتها عائد لها يا بنية ما علتك قالت الوعك يا أبتاه وكان علي غائبا في بعض حوائج النبي ÷ فقال لها أتشتهين شيئا قالت نعم أشتهي عنبا وأنا أعلم أنه عزيز وليس وقت عنب فقال ÷ إن الله قادر على أن يجيئنا به ثم قال اللهم ائتنا به مع أفضل أمتي عندك منزلة فطرق علي الباب ودخل ومعه مكتل قد ألقى عليه طرف ردائه فقال له النبي ÷ ما هذا يا علي قال عنب التمسته لفاطمة فقال الله أكبر الله أكبر اللهم كما سررتني بأن خصصت عليا بدعوتي فاجعل فيه شفاء بنيتي ثم قال كلي على اسم الله يا بنية فأكلت وما خرج رسول الله ÷ حتى استقلت وبرأت فقال عمر صدقت وبررت أشهد لقد سمعته ووعيته يا رجل خذ بيد امرأتك فإن عرض لك أبوها فاهشم أنفه ثم قال يا بني عبد مناف والله ما نجهل ما يعلم غيرنا ولا بنا عمى في ديننا ولكنا كما قال الأول:

  تصيدت الدنيا رجالا بفخها ... فلم يدركوا خيرا بل استقبحوا الشرا

  وأعماهم حب الغنى وأصمهم ... فلم يدركوا إلا الخسارة والوزرا

  قيل فكأنما ألقم بني أمية حجرا ومضى الرجل بامرأته.

  وكتب عمر إلى ميمون بن مهران عليك سلام فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإني قد فهمت كتابك وورد الرجلان والمرأة وقد صدق الله يمين الزوج وأبر قسمه وأثبته على نكاحه فاستيقن ذلك واعمل عليه والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.