شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

رد المرتضى على ما أورده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان

صفحة 330 - الجزء 2

  أجمل الوجوه وإن كان بخلاف الظاهر بل ربما تبين الأمر فيما يقع منه من الأفعال التي ظاهرها القبيح إلى أن تؤثر في أحواله المقررة ونرجع بها عن ولايته ولهذا نجد كثيرا من أهل العدالة المتقررة لهم في النفوس ينسلخون منها حتى يلحقوا بمن لا تثبت له في وقت من الأوقات عدالة وإنما يكون ذلك بما يتوالى منهم ويتكرر من الأفعال القبيحة الظاهرة.

  قال فأما ما استشهد به من أن مثل مالك بن دينار لو شاهدناه في دار فيها منكر لقوي في الظن حضوره لأجل التغيير والإنكار أو على وجه الإكراه والغلط وأن غيره يخالفه في هذا الباب فصحيح لا يخالف ما ذكرناه لأن مثل مالك بن دينار ممن تناصرت أمارات عدالته وشواهد نزاهته حالا بعد حال لا يجوز أن يقدح فيه فعل له ظاهر قبيح بل يجب لما تقدم من حاله أن نتأول فعله ونخرجه عن ظاهره إلى أجمل وجوهه وإنما وجب ذلك لأن الظنون المتقدمة أقوى وأولى بالترجيح والغلبة فنجعلها قاضية على الفعل والفعلين ولهذا متى توالت منه الأفعال القبيحة الظاهرة وتكررت قدحت في حاله وأثرت في ولايته كيف لا يكون كذلك وطريق ولايته في الأصل هو الظن والظاهر ولا بد من قدح الظاهر في الظاهر وتأثير الظن في الظن على بعض الوجوه.

  قال فأما قوله فإن كل محتمل لو أخبرنا عنه وهو مما يغلب على الظن صدقه أنه فعله على أحد الوجهين وجب تصديقه فمتى عرف من حاله المتقررة في النفوس ما يطابق ذلك جرى مجرى الإخبار فأول ما فيه أن المحتمل هو ما لا ظاهر له من الأفعال والذي يكون جواز كونه قبيحا كجواز كونه حسنا ومثل هذا الفعل لا يقتضي ولاية