1 - فمن خطبة له # يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم
  وَ مَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ وَمَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ وَمَنْ قَالَ فِيمَ فَقَدْ ضَمَّنَهُ وَمَنْ قَالَ عَلاَمَ فَقَدْ أَخْلَى مِنْهُ) إنما قال # أول الدين معرفته؛ لأن التقليد باطل، وأول الواجبات الدينية المعرفة، ويمكن أن يقول قائل ألستم تقولون في علم الكلام أول الواجبات النظر في طريق معرفة الله تعالى، وتارة تقولون القصد إلى النظر فهل يمكن الجمع بين هذا وبين كلامه #؟ وجوابه أن النظر والقصد إلى النظر إنما وجبا بالعرض لا بالذات؛ لأنهما وصله إلى المعرفة والمعرفة هي المقصود بالوجوب، وأمير المؤمنين # أراد أول واجب مقصود بذاته من الدين معرفة البارئ سبحانه، فلا تناقض بين كلامه وبين آراء المتكلمين.
  وأما قوله وكمال معرفته التصديق به، فلأن معرفته قد تكون ناقصة وقد تكون غير ناقصة، فالمعرفة الناقصة هي المعرفة بان للعالم صانعا غير العالم، وذلك باعتبار أن الممكن لا بد له من مؤثر، فمن علم هذا فقط علم الله تعالى ولكن علما ناقصا، وأما المعرفة التي ليست ناقصة فأن تعلم أن ذلك المؤثر خارج عن سلسلة الممكنات والخارج عن كل الممكنات ليس بممكن، وما ليس بممكن فهو واجب الوجود، فمن علم أن للعالم مؤثرا واجب الوجود فقد عرفه عرفانا أكمل من عرفان أن للعالم مؤثرا فقط، وهذا الأمر الزائد هو المكني عنه بالتصديق به؛ لأن أخص ما يمتاز به البارئ عن مخلوقاته هو وجوب الوجود.