شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

خروج علي لحرب معاوية وما دار بينه وبين أصحابه

صفحة 181 - الجزء 3

  قال نصر: وحدثنا عمر بن سعد، عن الحارث بن حصين، عن عبد الله بن شريك، قال: خرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يظهران البراءة من أهل الشام، فأرسل علي # إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما فأتياه، فقالا: يا أمير المؤمنين، ألسنا محقين؟ قال: بلى.

  قالا: أو ليسوا مبطلين؟ قال: بلى.

  قالا: فلم منعتنا من شتمهم؟ قال: كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتتبرءون، ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم من سيرتهم كذا وكذا، ومن أعمالهم كذا وكذا كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم، اللهم احقن دماءهم ودماءنا، وأصلح ذات بينهم وبيننا، واهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق منهم من جهله، ويرعوي عن الغي والعدوان منهم من لهج به لكان أحب إلي وخيرا لكم، فقالا: يا أمير المؤمنين، نقبل عظتك ونتأدب بأدبك.

  قال نصر: وقال له عمرو بن الحمق: يومئذ والله يا أمير المؤمنين، إني ما أحببتك ولا بايعتك على قرابة بيني وبينك ولا إرادة مال تؤتينيه، ولا التماس سلطان ترفع ذكري به، ولكنني أحببتك بخصال خمس إنك ابن عم رسول الله ÷، ووصيه، وأبو الذرية التي بقيت فينا من رسول الله ÷، وأسبق الناس إلى الإسلام وأعظم المهاجرين سهما في الجهاد، فلو أني كلفت نقل الجبال الرواسي ونزح البحور الطوامي، حتى يأتي علي يومي في أمر أقوي به وليك وأهين عدوك ما رأيت أني قد أديت فيه كل الذي يحق علي من حقك.

  فقال علي #: اللهم نور قلبه بالتقى واهده إلى صراطك المستقيم