شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصول في العلم الإلهي

صفحة 219 - الجزء 3

  تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}⁣[الأنعام: ٢٨]، فهذا علم بأمر مقدر على تقدير وقوع أصله الذي قد علم أنه لا يكون.

  القول الثاني: قول من زعم أنه تعالى لا يعلم الأمور المستقبلة، وشبهوه بكونه مدركا قالوا: كما أنه لا يدرك المستقبلات، فكذلك لا يعلم المستقبلات، وهو قول هشام بن الحكم.

  القول الثالث: قول من زعم أنه لا يعلم الأمور الحاضرة، وهذا القول نقيض القول الثاني، وشبهوه بكونه قادرا، قالوا: كما أنه لا يقدر على الموجود فكذلك لا يعلم الموجود، ونسب ابن الراوندي هذا القول إلى معمر بن عباد أحد شيوخنا وأصحابنا يكذبونه في ذلك ويدفعون الحكاية عنه.

  القول الرابع: قول من زعم أنه تعالى لا يعلم نفسه خاصة، ويعلم كل ما عدا ذاته ونسب ابن الراوندي هذه المقالة إلى معمر أيضا، وقال: إنه يقول إن العالم غير المعلوم، والشيء لا يكون غير نفسه وأصحابنا يكذبون ابن الراوندي في هذه الحكاية، وينزهون معمرا عنها.

  القول الخامس: قول من قال إنه تعالى لم يكن فيما لم يزل عالما بشيء أصلا، وإنما أحدث لنفسه علما علم به الأشياء، وهو قول جهم بن صفوان.

  القول السادس: قول من قال إنه تعالى لا يعلم كل المعلومات على تفاصيلها، وإنما يعلم ذلك إجمالا وهؤلاء يسمون المسترسلية؛ لأنهم يقولون يسترسل علمه على المعلومات