الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[العالم محدث]

صفحة 102 - الجزء 1

  وخارجة من العدم إلى الوجود» ويكون قوله: «واجب الوجود عام العلم ..» إلخ استطراداً - فالكلام في بعضها مستقيم، وإما متفرع على ما ذكره آخراً، وهو قوله: «واجب الوجود عام العلم ..» الخ فلا يستقيم؛ لأن حدوثها متفرع على اختلافها، وعلى كونه قادراً عليها وعالماً بها، لا على كونه واجب الوجود وعام العلم وتام القدرة إلا بعد إقامة أدلة هذه الأوصاف وإن كانت من لوازم كونه تعالى إلهاً خالقاً، لكنَّ المراد من الاستدلال ما لَزِمَ باللّزوم الأَوَّلي دون ما كان عن مراتب وأدلةٍ أخرى، فلا يفيد إلا بعد إثبات تلك المراتب بأدلتها.

  وجَعْلُهُ العلمَ والإيمانَ والجهلَ والكفرَ من الصفات اللازمة للإنسان - كما يفهم من قوله أولاً: «فتنظر إلى نفسك» - مع جعلها كلها قائمة بالإنسان المخاطب - يلزمُ⁣(⁣١) منه المحال، وهو اتصاف المخاطب بتلك الأوصاف المتناقضة في كل حالة، وأنها لازمة له لا يقدر على الخروج منها، فلا ثمرة لدعائه إلى العلم والإيمان بالصانع تعالى؛ لحصوله عليه وملازمته له، ولا لدعائه إلى الخروج عن الجهل والكفر؛ لكونه لازماً له يستحيل خروجه عنه وعن العلم والإيمان، وهكذا كل إنسان.

  فانظر أيها المطلع - رحمك الله تعالى - إلى ما في كلام هؤلاء المجبرة من التهافت والتنافر والكلام المستسمج تَعلم به صحة ما قيل، ولله در القائل وهو السيد الإمام المرتضى بن مفضل #:

  من لم يكن آل النبي هداته ... لم يأتِ فيما قاله بدليلِ

  بل شبهة وتوهم وخيالة ... ومقالة تنُبي عن التظليل

  فأين استدلال هؤلاء القوم من استدلال أئمة العترة الطاهرة، شموس الدنيا، وشفعاء الآخرة $، كالمؤلف لهذا المختصر المفيد؟ فتأمل كلامه الذي مر وما


(١) خبر قوله: «وجعله العلم ..» الخ.