الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[العالم محدث]

صفحة 101 - الجزء 1

  وأما اللذة والألم فالاستدلال بهما على الله تعالى مستقيم، إلا أن الألم لا يصح الاستدلال به إلا إذا كان من فعل الله تعالى كالمرض، دون المتولد من فعل العبد كالضرب ونحوه.

  ثم قوله⁣(⁣١): «وكلها متغيره وخارجة من العدم إلى الوجود ومن الوجود إلى العدم» يشير به إلى وجه الدلالة، ولا يخلو من خبط؛ فإن الجهل البسيط ليس خارجاً من عدم إلى وجود؛ لأنه أمر عدمي لا يتصف بالوجود، وكذلك الكفر إن أُريَد به الجهل البسيط، ثم الحكم على جميع المعدودة بالافتقار إلى صانع حكيم خبط ظاهر؛ لأنا قد بينا أن كثيراً منها ليس فيه دلالة على الله تعالى، ولأن الكفر والجهل لا دلالة فيهما على حكيم، بل على ضده، وهو الجهول اللئيم.

  وأما قوله: «واجب الوجود، عام العلم، تام القدرة والإرادة» فليس فيما ذكره دلالة إلا على مجرد وجوده تعالى، دون الوجوب فبدليل آخر، وهو أنه لو كان تعالى محدثاً لاحتاج إلى محدث وتسلسل،. وكذلك كونه عام العلم وتام القدرة مأخوذان أيضاً من وجوه أُخَرَ لا من مجرد ما ذكره، فإن ما ذكره إنما يدل على مطلق القدرة ومطلق العلم، دون العموم والتمام فمأخوذان من أدلة ذلك، كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى. وكذلك الإرادة لا دلالة فيما ذكره على عمومها لكل مراد، وإنما تتناول إرادة ما ذكره من تلك المعدودات، على أنه لا يُسَلَّم له أن الجهل والكفر مما تتناوله إرادة الله تعالى، وكذلك الرضا والغضب إنما يفعل الله منهما ما كان صلاحاً، كالرضا عن الطائع والغضب على العاصي، لا كل رضا وكل غضب كما يُفيده إطلاق عبارته.

  وقوله: «فتكون حادثة وقائمة بالذات لازمة لها، وملازم الحادث حادث» إن جعل الفاء تفريعية فإما متفرع على ما ذكره أوَّلاً في قوله: «وكلها متغيرة


(١) أي: قول شارح جوهرة التوحيد.