الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة

صفحة 418 - الجزء 2

  الْمُقَرَّبُونَ ١١}⁣[الواقعة]، وذكر ما أعد لهم من النعيم الكبير، وأصحاب الميمنة، وهم من دون السابقين من المسلمين، ثم وصف ما لهم من النعيم الذي هو دون نعيم السابقين، وأصحاب المشأمة، ثم وصف ما يصيرون إليه من العذاب الأليم، وعلل ذلك بأنهم كانوا يكذبون بيوم الدين، والفاسق ليس بمكذب، فلا يكون معهم في العذاب، فلزم دخلوه في أصحاب الميمنة المذكورين في الآية.

  قلنا: يلزم من هذا الاستدلال أن لا يعذب إلا من أنكر يوم الدين، فيصير اليهودي والنصراني وغيرهما من سائر الكفار المقرين بالبعث أن يدخلوا الجنة مع أصحاب الميمنة، فإن عدلوا عن الظاهر فما هم أولى به منا، فنقول: أصحاب المشأمة جنس يعم الكافر والفاسق معاً، وذكر وصف أحد النوعين لا يلزم منه نفي النوع الآخر، على أن قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ٤٥ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ ٤٦}⁣[الواقعة] وصف يعم النوعين الكافر والفاسق وإن كان ما بعده خاصاً بالكافر فلا يقدح في الدلالة على ما قلناه، وغاية الأمر على التنزل أن لا دلالة في هذه الآيات على الحكم للفاسق بجنة ولا نار، فلا متمسك فيها للمخالف.

  الآية الثامنة: قوله تعالى حكاية عن موسى #: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى}⁣[طه ٤٨].

  الآية التاسعة: قوله تعالى: {وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ}⁣[سبأ ١٧].

  الآية العاشرة: قوله تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ٨ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ٩}⁣[الملك].

  قلنا: هذه الثلاث الآيات لا حكم فيها بحكم للفاسق إلا بالمفهوم، ولا اعتماد عليه فيما المطلوب فيه العلم، سيما مع معارضته المنطوق.

  فهذه العشر الآيات وأمثالها مما يكون شبهة لمن أنكر الوعيد على عصاة المسلمين سليمان بن مقاتل ومن معه، وقد أقمنا البراهين القطعية على وروده