[ما يتمسك به من أقر بالوعيد على أهل الكبائر وقطع بتخلفه لشرط واستثناء مقدر]
  بما مر، ولا دلالة في هذه الآيات على انتفائه عنهم، وغايتها الدلالة على إثبات الوعيد للكفار وعدم ذكر الفساق بنفي ولا إثبات إلا من جهة المفاهيم والظواهر المحتملة التأويل، فلا عمدة عليها.
[ما يتمسك به من أقر بالوعيد على أهل الكبائر وقطع بتخلفه لشرط واستثناء مقدر]:
  وأما ما يتمسك به من أقر بورود الوعيد على أهل الكبائر وقطع بتخلفه لشرط أو استثناء مقدر فآيات الغفران، وآيات العفو، وآيات الرحمة المطلقة عن القيد بالتوبة، وقد دخل بعض منها في بعض العشر الآيات المذكورة:
  الآية الحادية عشرة: قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ}[الكهف ٥٨].
  قلنا: المعنى لو يؤاخذهم في الدنيا، وسوف يؤاخذهم في الآخرة، فأما كونه تعالى غفوراً وذو رحمة فمقيد بقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ}[طه ٨٢]، {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} الآيات [الأعراف ١٥٦].
  الآية الثانية عشرة: قوله تعالى: {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ}[البقرة ٢٨٤].
  قلنا: مجمل لا دلالة فيه؛ إذ لم يبين من الذي يشاء أن يغفر له ولا من الذي يشاء أن يعذبه، وقد بين بأدلة العقل أنه لا يشاء أن يغفر أو يعذب إلا من استحق ذلك، وبأدلة السمع المذكورة وغيرها.
  الآية الثالثة عشرة: قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}[التوبة ٧٢]، والإيمان هو: التصديق، والفاسق مصدق، فقد وعده الله جنات وإن عصى فهو مغفور له.
  قلنا: الإيمان شرعاً هو: الإتيان بالواجبات واجتناب المحرمات كما سيأتي، فالوعد المذكور لمن اتصف بالإتيان للواجبات والاجتناب للمحرمات، يدل