الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة

صفحة 432 - الجزء 2

  التطويل، وقال: هكذا فليكن الحكم على الغائب، وليت شعري كيف يتأول ما رواه الحاكم عن جعفر الصادق الخ؟ وذكر الحديثين، فأما الثالث فلم يذكره إلا في موضع آخر.

  ويقال له: وإذا كانت الأحاديث التي زعمت أنها بلغت حول خمسمائة حديث لم تذكر منها سوى الحديثين المذكورين فقد حكمت على الغائب، وليت شعري كيف يتأول ما رواه الموالف والمخالف من الأحاديث التي مر ذكرها مع كون بعضها صرائح قطعاً، نحو قوله ÷: «ثلاثة لا تنالهم شفاعتي: ناكح البهيمة» الحديث، وقد مر: «من غش العرب لم يدخل في شفاعتي»، وقوله ÷: «ليست شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»، ونحو ذلك من الأحاديث القاضية بنفي الشفاعة أو نفي دخول الجنة عن أهل الكبائر، وقد مر منها ستون حديثاً تفيد ذلك، بعضها بالمنطوق وبعضها بالمفهوم، والسنة مملوءة مما يؤدي معنى ذلك حتى بلغت حد التواتر المعنوي، لا يرتاب في ذلك إلا من كابر واتبع الشبه العاطلة، والأقوال المزخرفة الباطلة، وكيف يصح قولك: إن الخمس المائة الحديث بلفظ الحديثين اللذين ذكرتهما أو نحوه، أي: نحو لفظهما، وهو مرادف اللفظ، إذاً فتكون الخمس المائة الحديث ليست إلا حديثين لا غير؛ لأن المروي بلفظ واحد أو مرادفه لم يعده أئمة الحديث إلا حديثاً واحداً وإن كثر رواته وكثرت طرقه، وكيف يصح دعواك أنها صريحة نصوصاً ضرورية الدلالة، وقد أريناك كيفية تأويل الأول، وعدم صحة توجيه الاستدلال بالثاني؟! وكيف يصح زيادتها على حد التواتر، وقد اقتصرت في رواية هذين الحديثين على رواية الحاكم ورواية الإمام يحيى #، وجعلت بقية الخمس المائة بلفظ هاذين الحديثين أو معنى لفظهما؟! فإن أردت تواتر اللفظ فهو باطل قطعاً؛ من حيث إن خبر الاثنين لا يفيد التواتر، وإن أردت تواتر المعنى فلم تذكر الخمس المائة أو شطراً منها حتى تفيد العلم الضروري بثبوت المدعى، وكيف يصح دعوى تواتر معنى عن رسول الله ÷ أفادت الآيات