الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام على أهل الكبائر من هذه الأمة

صفحة 431 - الجزء 2

  قلنا: بل كيف يصح في نفسه عن الصادق المصدوق ÷؛ لأن ظاهره الإنكار من مالك فعل الرسول، وأنه لا يبقى في جهنم بقية لا من الكفار ولا من الفساق، وأن الله غاضب على أولئك الذين أعطى الرسول ÷ فيهم الصكاك التي لا يمكن إعطاؤها إلا مع الرضا عنهم، اللهم إلا أن يكون على سبيل المغالبة والقهر فمعلوم البطلان، وهو مُعارض لقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}⁣[البقرة ٢٧٠]، {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ}⁣[غافر ١٨]، فبطل الحديث من أصله، فلا معنى للتعجب كيف يكون تأويله، ولعل الإمام يحيى # إنما نقله على سبيل حكاية حجة الخصم، والله أعلم.

  الحديث الثالث: ما حكاه من الحديث القدسي ولم ينسبه إلى كتابٍ ولا راوٍ: «ذنب لا أغفره، وذنب لا أتركه، وذنب أتركه»، وجعله شاهداً لمعنى كلام الوصي #: إن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور.

  قلنا: لا دلالة في ذلك على مدعى الخصم؛ لأن معناه ذنب لا أغفره وهو الشرك وسائر الكبائر من دون توبة، وذنب لا أتركه، وهو ظلم الناس بعضهم بعضا، بل يجري بينهم التناصف وإن تاب الجاني، بأن يأخذ الله تعالى من ثواب حسناته أو يتفضل عنه بقدر جنايته وبعطية المجني عليه، وذنب مغفور في اجتناب الكبائر، وهو الصغائر، ولا بد للخصم من هذا التأويل، وإلا لزمه أن الشرك وجميع الكبائر لا تغفر ولو مع التوبة.

  فهذا ما احتج به من الأحاديث التي ذكر أنها بلغت بشواهدها خمسمائة حديث، ثم قال: إنها بلفظ هاذين الحديثين أو نحوه، يعني الذي ذكره عن الحاكم والذي ذكره عن الإمام يحيى #، ثم قال: إنها صريحة نصوص ضرورية الدلالة، وزيادتها على حد التواتر التي يجوز فيها خبر الكفار والفساق، فما ظنك بأئمة أهل البيت $ ومشاهير أئمة آل محمد ÷ انتهى. ذكره عند قول النجري: إن أحاديث المرجئة في الشفاعة ظاهرة التأويل، جديرة بعدم