الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[صفة المؤمن وما يجب في حقه]

صفحة 447 - الجزء 2

  فقال: يكفينا ما مضى عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين من العقائد الإجمالية، دون التفاصيل التي ابتدعها المتوغلون في الكلام، والتوغل منهي عنه، ولأن الخوض في ذلك إنما هو على سبيل التقليد، والتقليد في أصول الدين لا يجوز.

  فقلت له: أما أنه يكفينا ما مضى عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين فنعم، ولكن تأخر عصرنا عن إدراكهم، واختلاف المسلمين إلى نيف وسبعين فرقة كل يدعي أنه آخذ بقولهم، وأن غيره مخالف لهم امتنع معه معرفة ما كان عليه ذلك السلف الصالح ¤ وأرضاهم من دون نظر وخوض فيما كانوا عليه من تلك العقائد الدينية والأقوال الإسلامية إجمالية أو تفصيلية، ولا موجدة لها في غير هذا الفن، فانقطع.

  ثم قلت له: وقولك: إنه يكفي الإجمالية، وأن السلف كانوا عليها دعوى ذات طرفين: أنها تكفي، وأن السلف كانوا عليها، فلزمك البرهان القاطع على كل منهما، فلم يجب.

  ثم قلت له: وبم تعرف أيها الإجمالية وأيها التفصيلية لتتبع هذه وتجتنب هذه مع أن ذلك من مباحث علم الكلام وأنت عنه بمعزل؟ فلم يجد إلى معرفة أيهما سبيلا⁣(⁣١) ولا إلى الفرق بينهما والعلم به أدنى دليل.

  ثم قلت له: وقولك: «إن التوغل منهي عنه» بين لنا هذا التوغل المنهي عنه لنجتنبه؟ وقولك: إن التقليد في أصول الدين منهي عنه لا يجوز، نقول لك: نعم، ولكن قد اختلف أهل أصول الدين فيه على أقوال هذا أصحها، فما دليلك على تحريم التقليد وتحريم التوغل الذي ما عرفت معناه فضلاً عن معرفة تحريمه ودليل التحريم؟ فانقطع ولم يجد جواباً لأي سؤال من هذه الأسئلة أجمع.


(١) في المخطوط: سبيل.