مسألة: الحقيقة والمجاز:
  ثم قلت له: قد اختلف أهل الإسلام في حقيقة الإيمان على عشرة أقوال، فما عندك في حقيقته؟
  فقال: فما الفائدة في معرفة حقيقة الإيمان؟
  قلت: لتكون من المؤمنين فتدخل الجنة وتنجو من النار، ولا مطلب للعاقل وراء ذلك، ولأن الله تعالى قد تعبدنا بأحكام شرعية وعقائد دينية تتعلق بالمؤمن، ولا يمكن إجراؤها عليه إلا بعد معرفة حقيقة الإيمان وحقيقة المؤمن، وكذلك تعبدنا الله بأحكام شرعية وعقائد دينية تتعلق بالكافر أو المنافق أو الفاسق، فانقطع وقام من الموقف لما ضاق عليه المقام، وأظلمت عليه تلك الشبهة والأوهام: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[الرعد ١٩].
  إذا عرفت ذلك فالإيمان والإسلام والدين، وكذلك الكفر والنفاق والفسق هذه الألفاظ قد استعمل كل منها في أصل اللغة في معنى مخصوص معروف بين العرب وبين أئمة اللغة، ووردت هذه الألفاظ في الكتاب والسنة، لكن اختلف العلماء من أهل الأصول وأهل علم الكلام هل أراد الشارع فيما خاطب به المكلفين من تلك الألفاظ ما هي مستعملة لديهم في ذلك المعنى اللغوي أم قد نقلها عنه وأراد بها معنىً آخر شرعياً، بحيث إذا خاطبهم بشيء من هذه الألفاظ أمراً أو نهياً أو ورد شيء منها في إخبارياته لم تحمل إلا عليه ما لم توجد قرينة أنه أراد أصل المعنى اللغوي، فلا بد حينئذ من تقديم مسائل تترتب معرفة الحق في هذه الألفاظ وما يتفرع عليها على معرفة تلك المسائل. فنقول وبالله نصول:
مسألة: الحقيقة والمجاز:
  مسألة: الحقيقة: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في أصل اللغة أو عرفها أو عرف الشرع. والمجاز: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له كذلك لعلاقة مع قرينة