الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: في الكفر والشرك والنفاق]

صفحة 481 - الجزء 2

  كالسجود لغير الله تعالى، وقتل النبي، وتحريق المصحف، وتخريب المساجد استخفافاً. وقولنا: «استخفافاً» يعود إلى التحريق والتخريب؛ لأنه مهما لم يكن كذلك لم يكن كفراً، بل قد يكون قربة، كما لو قد وقع في المصحف تحريف لا يمكن مداركته ويقتضي الزيادة أو النقص أو الشك في آي القرآن، وكإخراب المسجد لإعادة عمارته المختلة أو توسيعه. أو يكون من قبيل الجهل فقط، وهو الخلو عما يجب معرفته مع التمكن، كالعلم بحدوث العالم وإثبات صانعه ø، وأنه قادر، وعالم، وحي قديم، لا يشبه الأشياء ولا تشبهه في ذاته ولا صفاته التي يمتاز بها عن غيره، وكالخلو عن معرفة نبوة محمد ÷، وصدق المعاد في اليوم الآخر، وثبوت القيامة والجنة والنار. وأما الجهل بنبوة غير محمد ÷ من سائر الأنبياء $، وكذلك ما جاء به من الواجبات القطعية والمحرمات القطعية، وما أخبر به من قصص الماضين وأحوال القيامة فلا تكون كفراً، وإنما يكون الكفر في رد ذلك أو الشك فيه بعد سماع النص الذي لا يحتمل خلاف ذلك، وإلا لزم تكفير عوام المسلمين الذين لا معلومية لديهم بذلك، ولقوله تعالى: {وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ}⁣[النساء ١٦٤]. وقولنا في كل واحد من الأربعة الأضرب: «فقط» إشارة إلى أن ذلك موجب للكفر سواء انضم إليه غيره من سائر الأضرب أم لا، وإشارة إلى خلاف من خالف في أي هذه الأضرب.

  فقد خالف في الأول الكرامية، فقالوا: لا كفر بفعل القلب وحده؛ لأن الإيمان عندهم الإقرار باللسان، فمهما حصل صار مؤمناً وإن اعتقد قدم العالم أو إلهية غير الله تعالى، أو عزم على الكفر، فلا يكون الكفر عندهم إلا باللسان، هكذا أطلق القول عنهم في القلائد، ولعل مرادهم أن لا كفر إلا بالقول ممن دخل في زمرة المسلمين، لا نحو الفلاسفة واليهود والنصارى ونحوهم من سائر ملل الكفر، وبطلان ما قالوه معلوم؛ لأن المنافق كافر بنص الكتاب وهو مقر