الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[مسألة: التوبة واجبة إجماعا من كل معصية صغيرة أم كبيرة]

صفحة 538 - الجزء 2

  ارتد ولحق بالكفار وسبي لم يصح بقاؤه في الرق، بل يقتل إن لم يسلم.

  تتمة: تتصل بباب الوعد والوعيد تتعلق بالتوبة والإحباط والتكفير، وكيفية الموازنة عند القائلين بها.

(التوبة)

  مسألة: التوبة هي الندم على فعل القبيح لقبحه أو ترك الواجب لوجوبه، واختلف في العزم على أن لا يعود هل هو ركن منها أو شرط في صحتها، فقال السيد مَانِكْدِيْم: العزم شرط وليس بركن، وخالفه الجمهور، وعلى كل حال فلا بد منه وإلا لم تصح التوبة، وقلنا في الندم: أن يكون لقبح فعل القبيح وقبح ترك الواجب لأنه إذا لم يكن لذلك بل لما لحقه من المذمة والعار وسقوط مرتبته عند الناس، أو لما سيلحقه من العقوبة والتأديب من ذي الولاية فليس ذلك الندم توبة، وليس مسقطاً عنه عقاب الآخرة. وهل إذا وقع الندم خوفاً من عقاب الآخرة من دون أن يكون لأجل القبح ينفع في إسقاط عقاب الآخرة أم لا؟ الأظهر الأول، ويدل عليه قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}⁣[الأنعام ١٥]. وهل يسقط من العقاب المستحق في الآخرة بمقدار ما قد وقع عليه من الحدود والتأديبات والنقائص والانتقامات في الدنيا أم لا؟ في ذلك خلاف، الأظهر الأول إن قلنا: إن الحدود ونحوها شرعت عقوبة، وكذا إن قلنا: إنما شرعت للزجر؛ لأن تقدم إسقاط شيء من العقاب الأخروي يكون ما وقع من الضرر في الدنيا ظلماً، فلا بد من إسقاط ما يساويه من الأخروي.

[مسألة: التوبة واجبة إجماعاً من كل معصية صغيرة أم كبيرة]:

  مسألة: وهي واجبة إجماعاً من كل معصية صغيرة كانت أو كبيرة، عمداً ترك الواجب أو فعل القبيح أم سهواً وخطأً؛ لأن فعل القبيح وترك الواجب معصية بكل حال إلا في حق المكره والمضطر، على أن الاستغفار منهما حسن لكن لا