فصل: في الكلام في الفرق بين فعل الله وفعل العبد
  فتصير جملة الأعراض على ما ذكرناه ثمانية وثلاثين عرضاً، خمسة وعشرون خاصة بقدرة الله تعالى، وثلاثة عشر مشتركاً بين قدرة الله تعالى وقدرة العبد بعد الأكوان الأربعة والحواس الخمس كلاً منها جنساً برأسه، فتأمل.
  وقد عد القرشي وغيره الفناء من الأعراض، وفيه نظر، وسيأتي الكلام عليه في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى.
  وهي تنقسم في نفسها إلى ما يتنوع في ذاته إلى: منحصرة كالألوان والطعوم، وإلى غير منحصرة كالروائح والآلام، وإلى ما يتنوع باعتبار متعلقه لا في ذاته كالإرادات والكراهات والشهوة والنفرة، وإلى ما لا يتنوع كالحياة. وقد زاد المنصور بالله # وغيره: الموت في جملة الأعراض، ولم يعده المهدي # وغيره منها، بل هو أمر عَدَمِي عنده، وقد مر الكلام على ذلك.
  (وأجسام) جمع جسم، وهو الطويل العريض العميق. وهذا حد له بالذات، ويقال: ما يشغل الحيز عند حدوثه، أو ما يصح عليه التجزؤ والانقسام. وهذا حد له باللازم.
  وقوله: (يعجز عن فعلها كل الأنام) يعود إلى الثلاثة المذكورة: الجوهر والأعراض والأجسام، وهو بالنسبة إلى الأعراض للاحتراز عما لا يعجز عنه الأنام، كالأعراض المشتركة بين قدرة الله وقدرة العبد، وبالنسبة إلى الجواهر والأجسام صفة كاشفة ليس المراد به الاحتراز؛ لأنه لا قدرة لأحد من الأنام على إيجاد جوهر ولا جسم. (ومضمونه) أن (كل ما وقف على قصد العبد واختياره تحقيقاً) كفعل اليقظان (أو تقديراً) كفعل الساهي والنائم (فهو فعله، وما لم يكن كذلك فليس بفعله) بل هو فعل الله سبحانه وتعالى، مبتدأ كان كخلق السماوات والأرض وبعض الأجسام والأعراض، أو متولداً عن المبتدأ كإنبات الزرائع، وتوالد الحيوانات، وسير السفن في البحر، وتحريك الأشجار، بواسطة إنزال الماء وإلقاء البذر في الطين، وتسافد الحيوانات، وإرسال الريح، ونحو ذلك من