الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الفصل الثالث: في صفة خروجه واستشهاده #]

صفحة 665 - الجزء 2

  عامله على الكوفة فأمره أن يجمع الناس إلى المسجد الأعظم يحصرهم فيه، فجمعهم، وطلبوا زيداً فخرج ليلاً من دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري وكان بها، ورفعوا النيران ونادوا: يا منصور حتى طلع الفجر، فلما أصبحوا نادى أصحاب زيد بشعارهم وثاروا، فأغلق الحكم دروب السوق وأبواب المسجد على الناس، وبعث إلى يوسف بن عمر وهو بالحيرة فأخبروه الخبر، فأرسل خمسين فارساً لتعرف الخبر، فساروا حتى عرفوا الخبر وعادوا إليه، فسار من الحيرة بأشراف الناس، وبعث ألفين من الفرسان وثلاثمائة رجل معهم النِشاب، وأصبح زيد وكان جميع من وافاه تلك الليلة مائتي رجل وثمانية عشر رجلاً، فقال: سبحان الله أين الناس؟ فقيل: إنهم بالمسجد الأعظم محصورون، فقال: والله ما هذا بعذر لمن بايعنا، وأقبل فلقيه على حصانه الصائد بين خمسمائة من أهل الشام، فحمل عليهم فيمن معه فهزموهم، وانتهى إلى دار أنس بن عمرو الأزدي وكان فيمن بايعه وهو في الدار، فنودي فلم يجب، فناداه زيد فلم يخرج إليه، فقال زيد: ما أخلفكم، قد فعلتموها، الله حسبكم، ثم صار إلى الكُنَاسة فحمل على من بها من أهل الشام فهزمهم، ثم سار ويوسف بن عمر ينظر إليه وهو في مائتي رجل ولو قصده زيد لقتله، والرايات تتبع آثار زيد بالكوفة في أهل الشام، فأخذ زيد في المسير حتى دخل الكوفة، فسار بعض أصحابه إلى الجبانة وواقعوا أهل الشام، فأسر أهل الشام منهم رجلاً ومضوا به إلى يوسف بن عمر فقتله، فلما رأى زيد # خذلان الناس إياه قال: قد فعلوها حسينية، وسار وهو يهزم من لقيه حتى انتهى إلى باب المسجد، فجعل أصحابه يدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون: يا أهل المسجد اخرجوا من الذل إلى العز، اخرجوا إلى الدين والدنيا، فإنكم لستم في دين ولا دنيا، وزيد يقول: والله ما خرجت ولا قمت مقامي هذا حتى قرأت القرآن، وأتقنت الفرائض، وأحكمت السنن والآداب، وعرفت التأويل كما عرفت التنزيل، وفهمت