[الفصل الثالث: في صفة خروجه واستشهاده #]
  الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والخاص والعام، وما تحتاج إليه الأمة في دينها مما لا بد لها منه ولا غنى لها عنه، وإني على بينة من ربي، فرماهم أهل المسجد بالحجارة من فوق المسجد، فانصرف زيد فيمن معه، وأتاه ناس من أهل الكوفة، فنزل دار الرزق، فأتاه الريان فقاتله، وخرج أهل الشام مساء يوم الأربعاء أسوء شيء ظنا، فلما كان الغد أرسل يوسف بن عمر عدة عليم العباس من سعد المزني، فلقيهم زيد فاقتتلوا قتالاً شديداً فانهزم أصحاب العباس وقتل منهم نحواً من سبعين، فلما كان العشي عبأ يوسف بن عمر الجيوش وسرحهم، فالتقاهم زيد بمن معه، وحمل عليهم حتى هزمهم وهو يتبعهم، فبعث يوسف بن عمر طائفة من الناشبة فرموا أصحاب زيد، وهو يقاتل حتى دخل الليل فرمي بسهم في جبهته اليسرى ثبت في دماغه، ورجع أصحابه ولا يظن أهل الشام أنهم رجعوا إلا للمساء والليل، فأنزلوا زيداً في دار وأتوه بطبيب فنزع السهم فضج زيد ومات | لليلتين خلتا من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة، وعمره اثنتان(١) وأربعون سنة.
  وقال المنصور بالله عبد الله بن حمزة في الشافي: وكان ديوانه قد انطوى على خمسة عشر ألف مقاتل خارجاً عمن بايع من جميع أهل الأمصار وسائر البلدان، ثم قال: ولما خرج # خرج معه القراء والفقهاء وأهل البصائر قدر خمسة آلاف رجل في زي لم ير الناس مثله، وتخلف باقي الناس عنه، فقال: أين الناس؟ قال احتبسوا في المسجد، فقال: لا يسعنا عند الله خذلانهم، فسار حتى وصل إليهم وأمرهم بالخروج فلم يفعلوا، فقال نصر بن جذيمة: يا أهل الكوفة، اخرجوا من الذل إلى العز إلى خير الدنيا والآخرة، وأدخلوا عليهم الرايات من طاقات المسجد، فلم
(١) بل سبع وأربعون سنة كما يدل عليه تاريخ مولده والوفاة. انتهى سيدي محمد بن يحيى الكبسي من هامش المجموع. (حاشية على الأصل).