الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[لماذا يطلق لفظ الحي على الله تعالى مع عدم المعنى المشتق منه]

صفحة 162 - الجزء 1

  الفعل والإحداث، فَنَصِفُهُ تعالى بأنه حي؛ لأنه صح منه الفعل والإحداث؛ لا لأن المعنى المذكور قام به أو حَلَّ فيه كما تقوله الأشعرية والمجسمة.

  ثم إذا قيل: ولِمَ وصفتموه بأنه حي مع أنه لا وجود لتلك الحياة المذكورة فيه تعالى؟ ولِمَ صح منه تعالى الفعل والإحداث على الوجه المذكور مع فقد تلك الحياة فيه تعالى؟

  قلنا: أما الجواب عن السؤال الأول فقد علم مما مر أنا وصفناه بأنه حي لأجل صحة الفعل والإحداث منه.

  وأما الجواب عن السؤال الثاني فنقول: إنه صح منه سبحانه الفعل لأجل ذاته المقدسة عن الحدوث والمشابهة. وتقول البهاشمة ومن وافقهم في جواب ذلك السؤال: لأجل الصفة الراجعة إلى ذاته تعالى المعلومة من قولنا: هو حي، وليست تلك الصفةُ معنىً قائماً به تعالى، بل حالة زائدة على ذاته تعالى. وجواب الأشعرية والمجسمة: لأجل المعنى القديم القائم بذاته أو الحال في ذاته المعبَّر عنه بالحياة.

  ثم اتفق الجميع أنه لا يجوز أن يطلق على الله تعالى لفظ «حيوان»؛ لأنه خاصٌّ بالجسم الحي بحياة محدثة تزول بِطُرُو ضدها وهو الموت.

  إن قيل: فقد استعملتم لفظ الحي في غير ما وضع له في الأصل، وهو أنه مشتق من الحياة؛ وذلك أنكم أنتم والبهاشمة استعملتم اللفظ فيمن يصح منه الفعل لأجل ذاته أو لأجل الصفة الزائدة.

  قلنا: هذا وارد على الجميع؛ لأن الأشعرية والمجسمة استعملوا الحي في غير ما وضع له؛ لأن المعنى القديم لم يريدوا به المعنى المعقول من لفظ الحياة في الشاهد الذي هو في ماهيتة وإنيته جائزُ الوجود وجائزُ العدم، وتقرر في العقول أنه محدث يضادده الموت عند طروه عليه بفعل الفاعل، بل أرادوا به معنى آخر قديماً يعبَّر عنه بالحياة؛ وإنما عبر عنه بالحياة لصحة الفعل منه.

  فقد ظهر لك أن كلام الجميع بالنسبة إلى الاشتقاق من الحياة استعمالٌ للفظ