[لماذا يطلق لفظ الحي على الله تعالى مع عدم المعنى المشتق منه]
  الفعل لأجل البنية المخصوصة في الشاهد، ولأجل نفس الذات في الغائب، ولم يثبتا صفة زائدة للحي بكونه حياً لا شاهداً ولا غائباً كما مر، بل يثبتان مَزِيَّة كما مر لهما في قادر وعالم.
  وقال جمهور أئمتنا $ ومن وافقهم بمثل قول البهاشمة والقرشي في الشاهد فقط، ومثل قول أبي الحسين وابن الملاحمي في الغائب إلا في المزية، فأثبتوا الصفة لجملة الحي حالة زائدة على مجرد البنية التي اكتفى بها أبو الحسين وابن الملاحمي في كون الشاهد حيًّا، وجعلوا المرجع بكون الغائب حيًّا إلى مجرد ذاته، من دون ثبوت حالةٍ أو صفةٍ زائدة على ذاته تعالى.
  وقالت المجبرة: المرجع بكون الحي حياً إلى معنىً قائم به يعبر عنه بالحياة لأجله كان حيًّا، وهذا المعنى في الشاهد محدثٌ حالٌّ فيه، وفي الغائب قديمٌ قائمٌ به، وسيأتي تقرير القول الحق في الفصل الآتي إن شاء الله تعالى.
[لماذا يطلق لفظ الحي على الله تعالى مع عدم المعنى المشتق منه]:
  الثاني: أن لفظة الحي مشتقة من الحياة، والمفهوم من إطلاق لفظها هو وجود معنى متى قام بالجسم كان حيًّا، وهذا المعنى هو أمر وجودي محدث مخلوق في ذاته(١)، قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ}[الملك ٢]، فهو أمر مضادد للموت نقيض له، ويلزم من وجوده صحةُ أن يقدر ويعلم اللازم منهما التمكن من الفعل والإحداث لا على سبيل الإيجاب والاضطرار، بل على سبيل الإرادة والاختيار، بمعنى إن شَاءَ فعل وإن شاءَ ترك، ولكون وجود هذا المعنى - الذي قد ظهر لك ماهيته وحدوثه، وأنه نقيض للموت - مستحيلا(٢) في حق الباري تعالى لزم أن نطلق لفظ الحي عليه تعالى ونريد به اللازم من الحياة في الشاهد، وهو التمكن من
(١) أي: الجسم.
(٢) في الأصل: «مستحيل».