الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: [معاني بعض الآيات المتشابهة]

صفحة 248 - الجزء 1

  هي الجهة التي يجب عليه استقبالها في تلك الحال. وذكر في الكشاف معنى آخر في الآية، وهو أن المراد: إذا منعتم أن تصلوا في المسجد الحرام أو في بيت المقدس فقد جعلت لكم الأرض مسجداً، فصلوا في أي بقعة شئتم من بقاعها، وافعلوا التولية فيها، فإن التولية ممكنة في كل مكان لا يختص إمكانها في مسجد دون مسجد، ولا في مكان دون مكان. والأول أظهر، والله أعلم.

  (وما ذكر من العين) في قوله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}⁣[طه ٣٩] (والأعين) في قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}⁣[القمر ١٤] (فإ) نما (المراد به الحفظ والكَلاَءَة والعلم) لكن لَمَّا كان في الشاهد لا يتوصل إلى المحافظة على الشيء وحراسته وهو الكلاءة والعلم به إلا بمراقبة العين، والإبصار له بها - عَبَّر سبحانه عن حفظه وكلاءته وعلمه بذلك بِذكرِ العين والأعين مشاكلة للعين المقدرة الخاطرة بذهن السامع والمخاطب عند ذكر الحفظ والكلاءة والعلم، وكما يقال: ما صدر من فلان فهو بعيني، أي: بعلمي. وقيل: تجري بأعين أوليائنا الموكلين بها، وهم الملائكة $. وقيل: تجري بأعيننا: الأعين المذكورة في أول الآية في قوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا}⁣[القمر ١٢]. وهذان التأويلان بعيدان، والله أعلم.

  وأما قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}⁣[طه ٥]، (وقوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}) [الأعراف ٥٤] فَقد اختلف في معنى العرش على قولين: فَأحد قولي الإمام زيد بن علي والقاسم والهادي والمرتضى والإمام صاحب الأساس والإمام الشرفي شارحه وغيرهم: هو عبارةٌ عن عزِّ الله وملكه وسلطانه، واستواؤه عليه استيلاؤه بالقدرة والسلطان، واستعمال العرش في اللغة بمعنى العز والملك شائع، قال:

  إذا ما بَنُو مَرْوانَ ثُلَّتْ عُرُوشُهُمْ ... وأَودَوا كما أَوْدَتْ إيَادُ وحِمْيَرُ

  وقال آخر:

  رأوا عرشي تثلم جَانِبَاهُ ... فلما أنْ تَثَلَّمَ أَفْردُونِي

  وقال آخر يرثي قتيلاً: