الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: [معاني بعض الآيات المتشابهة]

صفحة 249 - الجزء 1

  إن يقتلوكَ فقد ثَلَلْتَ عُرُوشُهُمْ ... بِقُتَيْبَةَ بن الحَارثِ بن شِهاب

  أي: هدمْتَ عزهم وملكهم وسلطانهم بقتلك كبيرهم قتيبة بن الحارث. واستعمال الاستواء بمعنى الاستيلاء شائع أيضاً، قال:

  قَدِ استوى بِشْرٌ عَلَى العِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ ودَمٍ مِهْرَاق

  وقال آخر:

  فلما عَلَوْنَا واسْتَوَيْنَا عَلَيْهِمُ ... تَرَكْنَاهُمُ صَرْعَى لِنِسْرٍ وَكَاشِر

  فالعرش عند هؤلاء مجاز عن عز الله وملكه وسلطانه. وقيل: هو عبارة عن جميع مخلوقاته تعالى، ولا عَرشَ حَقيقةٌ عندهم $.

  وأحد قولي الإمام زيد بن علي والمؤيد بالله وأبو طالب والسيد مانكديم والأمير المؤلف والإمام يحيى والإمام محمد بن المطهر والإمام المهدي $ والجمهور: بل هو حقيقة قبلة للملائكة $، وعلى كلا القولين فـ (استواؤه) تعالى على العرش إنما هو (استيلاؤه) عليه (بالقدرة والسُلطان)، ولا يصح ما يقوله أهل الحشو والمجسمة مِن أن العرش مكان له تعالى كالسرير مستقر عليه؛ لِما في ذلك من التجسيم المقتضي للحدوث والتحديد والاحتواء، وقد ثبت أن الله تعالى (ليس كمثله شيء، ولا يشبه ميتاً ولا حيًّا). وما قاله المجسمون ومن وافقهم باطل لِما يؤدي إليه من المحالات؛ لأنه قد ثبت بالأدلة القاطعة أن العرش إن جعلناه حقيقة كان من مخلوقاته تعالى، والله تعالى قديم فلا يصح أن يكون فيه؛ لاستلزامه إمَّا قِدَم العرش فما أحد القديمين بكونه ظرفاً والآخر مظروفاً بأولى من العكس إن كان ذلك وصفاً ذاتيًّا، وإن كان لفاعل لزم حدوث الجميع. وإِمَّا حدوثه فيستلزم الانتقال عليه تعالى إليه بعد أن خلقه وهو محال، ويستلزم الحاجة عليه والله الغني، ويستلزم تحديده تعالى إِنْ استوعبه العرش، أو تبعيضه تعالى إِنْ لم يستوعبه، وكلُّ ذلك محالٌ لا يقبله عقل عاقل، ولا صحة لنقل ناقل، وإنما المراد بالاستواء هو الاستيلاء ولَو جعلناه حقيقة، قال المؤيد بالله #: خص