[فصل] في الكلام أن الله واحد وأنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى
  (و) حينئذ فيقال: لو قدرنا ذلك (لأدى) هذا التقدير (إلى) وقوع (ما لا يجوز) ولا يتصور في العقل وقوعه ولا صحته من أحد ثلاثة أمور كلها مستحيلة:
  الأول: ما ذكره # بقوله: (من اجتماع الضدين من الأفعال) المتنافية والمتناقضة، بأن يريد أحدهما إيجاد شيء والآخر إعدامه، أو إحياء زيد والآخر إماتته، فيكون موجوداً معدوماً في حالة واحدة، أو حياً ميتاً في حالة واحدة، وذلك محال لا يُتصور وقوعه في الخارج.
  الثاني والثالث أشار إليهما # بقوله: (أو عجز القديم عن المراد) وذلك أنَّا إن قدرنا أن كلاً منهما بلغت قادريته إلى منع الآخر عن إيجاد مراده لزم التمانع الذي فيه ارتفاع النقيضين، وارتفاع النقيضين محال كاستحالة اجتماعهما، وإن قدرنا أن أحدهما بلغت قادريته إلى منع الآخر فذلك مع تقدير أن الآخر إله قديم مثله قادر على كل شيء محال أيضاً، فلا يمكن الانفصال عن لزوم وقوع أحد هذه المحالات إلا برفع القول المؤدي إليهما، وهو الإله الثاني الذي أدى تجويزه إلى أحدها.
  ويرد على هذا سؤال، بأن يقال: إنهما حكيمان، فلا يصح تقدير اختلافهما، فيجب أن يتفق مراداهما في وجه الحكمة، فلا يصح الاختلاف المبني عليه الدليل المذكور.
  والجواب والله الموفق للصواب: أن وجوه المصلحة والحكمة قد تكون في بعض الأشياء متفقة بالنسبة إلى أوقات وأماكن متعددة كل منها مساوٍ للآخر في الحكمة والمصلحة على سبيل البدل، وكذلك قد تكون المصلحة والحكمة متفقة ومستوية بالنسبة إلى أوصاف متضادة من سواد وبياض وحياة وإماتة، وحينئذ فلكل منهما أن يختار ويريد خلاف ما اختاره وأراده الآخر ولا يخرجه ذلك عن كونه حكيماً.
  فإن قيل: فالتنافي واستحالة وجود مراد كل منهما وجه يجب لأجله أن لا يختلفا، سيما مع كونهما حكيمين، فإن الحكيم لا يريد المحال، فيجب أن يتفقا