الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل] في الكلام أن الله واحد وأنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى

صفحة 309 - الجزء 1

  الغرض المقصود نفيه إلى إثباته؛ فلا يستقيم تحرير الاستدلال على التقدير دون الوقوع، فكذلك مسألتُنا نقول فيها: إن الدليل مبني على تقديرِ أن كل ما قدر عليه الله تعالى فالإله الثاني قادر عليه، ثم نستدل على صحة هذا التقدير بأن نقول: إن هذا الإله الثاني يجب أن يكون قادراً لذاته وإلاَّ خرج عن كونه إلهاً، هذا خلف⁣(⁣١)، فلا بد أنه قادر لذاته، ثم نقول: ومن شأن القادر لذاته أن لا يعجزه شيء، فيجب أن يقدر على كل ما قدر عليه الله سبحانه (ولو كان كذلك لجاز عليهما التَّشاجر والتَّنازع، ولصح بينهما التَّعارض والتَّمانع) إذ مِن شأن كل من قدر على شيء أن يفعله إِذا علم المصلحة في فعله على الوجه الذي تعلقت المصلحة بفعله من الاختصاص بوقوعه على صفة دون صفة، ووقت دون وقت، ومكان دون مكان، فيصح حين أن يريدَ أحدهما وقوعه على وجه أن يريد الآخر وقوعه على الوجه الآخر، فيؤدي ذلك إلى التشاجر والتعارض والتنازع المفضي إلى ما هو المحال بالذات، وهو التمانع وعجز الجميع، أو ما هو مثله من المحالات، كما أوضح الجميع # بقوله: (ولو قَدَّرْنَا وقوع هذا الجائز) أي: المفروض جوازه، ومِنْ هذا يعلم أن الدلالة مبنية على التقدير كما مر في جواب ذلك السؤال.

  فإن قيل: أليس إن التقدير المحال محال، فكيف تثبتون الأدلة على تقدير المحالات؟

  قلنا: المحالُ هو وقوع المحال لا تقدير وقوعه، فقولهم: تقدير المحال محال ليس على ظاهره، بل مُؤَوَّل على حذف مضاف، وهذا السؤال وجوابه قد علم من الأول، إلا أنا استحسنا إِيراده لأنه واردٌ على قولهم: تقدير المحال محال. والأولُ هو وارد على قولهم: مقدور بين قادرين محال، زيادة في إزاحة ما يعرض من الإشكالات.


(١) أي: باطل.