الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في أن الله تعالى عدل حكيم

صفحة 350 - الجزء 1

[فصل:] في الكلام في أن الله تعالى عدل حكيم

  قد مر الكلام على العدل، وأما الحكيم فهو فعيل بمعنى مُفعِل - بكسر العين -، وهو فاعل الحكمة، قال تعالى: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}⁣[الجاثية ٢]، فهو بمعنى اسم الفاعل. ويأتي حكيم بمعنى مُحْكَم، فهو بمعنى اسم المفعول: فعيل بمعنى مُفْعَل، قال تعالى: {يس ١ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ٢}⁣[يس]، ومنه قوله:

  وقَصِيْدَةٍ تَأْتِي المُلُوكَ حَكِيْمَةٌ ... قَدْ قُلْتُهَا لِيُقَالُ مَنْ ذَا قَالَهَا

  وحقيقة الحكمة: كل فعل حسن، لفاعله مقصد صحيح، كقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمْ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ}⁣[الجاثية ١٢] {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}⁣[الأنعام ٩٧] {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}⁣[ص ٢٩].

  وقد تطلق الحكمة على العلم، كقوله تعالى: {وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}⁣[البقرة ١٥١] {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}⁣[البقرة ٢٦٩].

  والأفعال تنقسم بالنسبة إلى الإحكام والحكمة إلى أربعة أقسام:

  حكمة وإحكام، كالخط المتقن لنفاعة المؤمن.

  وإحكام دون حكمة، كالخط المتقن في مضرته.

  ولا إحكام ولا حكمة، كفعل الساهي والنائم، والخط الذي لا يقرأ فيما لا نفع فيه.

  وحكمة دون إحكام، كالخط الذي لا يقرأ المراد به قصد منفعة المؤمن لكن تعذر على فاعله إحكامه.

  وحقيقة الإحكام: هو الإتقان للشيء حتى لا يتطرق إليه الخلل والفساد. وقيل: كل فعل عقيب فعل أو مع فعل على وجه لا يتأتى من كل قادر. فتخرج