الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى

صفحة 390 - الجزء 1

  ثانياً: أن ذلك الصرفَ من جملة الأفعال، فإما أن يكون بخلق الله وكسب العبد عاد السؤال وتسلسل، وإما ينفرد به العبد خرج من مذهبه، أو ينفرد به الله تعالى فأي فَرَجٍ له في القول به.

  ثالثاً: أن القدرة عندهم موجبة، فكيف يصح من العبد تعيينها وصرفها إلى أحد طرفي الفعل؟

  رابعاً: أن القدرةَ والإرادةَ مخلوقتان لله تعالى، القدرةُ اتفاقاً، والإرادةُ على زعمه، فكيف صح من العبد صرفهما إلى ما عينه من طرفي الفعل، وكأنه على هذه المثابة عَليه أن يُعينَ ويختارَ، وعلى الله تعالى أن يتبع العبد ويفعل ما يختار، فجاء بمعكوس الآية الكريمة: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}⁣[القصص ٦٨].

  ويُبطل قولَ ابن الهمام: أنه فسره بالعزمِ والتصميم، وخلقِ الله الفعل عند ذلك بمجرى العادة، فكان اسماً مجموعاً من الأمرين، ومركباً من الجهتين. وقد جعل سيدي هاشم بن يحيى | كلام ابن الهمام وكلام السعد واحداً في تعليقه على حاشية الجلال على شرح القلائد، قال: وأورد عليه أنه اعتزال في الإرادة وجَبْر في الفعل إِن كان الإثبات للاختيار على جهة الاستقلال، وإِنْ اعتبروا في الاختيار الخلق والكسب لم يعقل الكسب فيه، ولزم الجبرُ فيه كأصل الفعل، أو التسلسلُ، ثم نَقَل قولاً غريباً في تفسير الكسب، عجيباً في نفس الأمر، فَقال ما لفظه: وقيل: إِن الكسب لا شيء غير توهم العبد أن لقدرته واختياره أثراً في وجود الفعل، فَلَمَّا كان حال الفعل كالمعتقد أن الفعل له عومل معاملة المختار، قال: وهذا القول رأيته لصاحب النبراس، وهو ساقط، وقد لزم صاحبَه الإقرارُ بما ذهب إليه أبو الحسين من أن كون أفعال العباد منهم بالضرورة، وإنما سَمَّى تلك الضرورة وهماً تعامياً عن الحق. انتهى.