الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[حقيقة الذات]

صفحة 39 - الجزء 1

  والعجائب: جمع عجيبة، وهي ما يُقضى منها العجب، ولا يتعجب إلا من فعل يَعجزُ العباد عن مثله.

  والمصنوعات: جمع مصنوع، والصنع والإحداث والإيجاد بمعنى واحد، وقد يراد بالصنع الإيجاد على كيفية مخصوصة، كما يُقالُ لمن له مَلكة في كيفية مخصوصة: صَانِعٌ.

  والغرائب: جمع غريبة، وهي فعل ما لا يعتاد وجوده في الناس، وهذا إنما يكون في أفعاله تعالى⁣(⁣١).

  والمخلوقات: جمع مخلوق، وهو الموجود بتقدير وتدبير.

  (حتى نطق صامتها بالإقرار بربوبيته بغير مِذْوَد، وبرز مجادلاً على ذلك لكل من عطَّل وألحد) ولَمَّا كانت هذه الجملة متصلة بما قبلها اتصال الغاية بالمُغَيَّا أَتى فيها بـ «حتى» المؤذنة بذلك المعنى، وقد شبه دلالة المصنوعات الغريبة والمخلوقات العجيبة على الله تعالى بالنطق، ثم اشتق منه نطق، فهي استعارة مصرحة تبعية. أو شبَّهَ الغرائب والعجائب بناطق، ثم حذف المشبه به - وهو الناطق - وأتى بما هو من لازمه وهو النطق، فهي استعارة مكنية، وتسمى: مكنياً عنها، وإثباتُ نطق يُسَمَّى: استعارة تخييلية تبعية أيضاً؛ لأنها في الفعل. ثم في إيقاع النطق على الصامت من البلاغة وحسن الكلام ما لا يخفى؛ إذ لا أبلغَ وأبدع من نطق الجمادات، ثم في كَونِ هذا النطق من الصامتات بالإقرار على نفسها بأن الله تعالى هو ربها وخالقها ومقدرها مَا لَا مزيد عليه في البلاغة؛ إذ لا أبلغ في ثبوت الحق من الإقرار به على النفس، قال الله تعالى: {بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}⁣[القيامة ١٤]. وقوله: «بغير مِذْوَد»، أي: بغير لسان، والمذود: اللسان، قال حسان بن ثابت |:


(١) لأن أفعال الله تعالى لا يمكن التعلم لإيجاد مثلها. (من حاشية على الأصل).