الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[معنى المعطل والملحد]

صفحة 40 - الجزء 1

  لساني وسيفي صارمان كلاهما ... ويَبْلُغُ ما لا يبلغُ السيف مِذْوَدي

  أي: يبلغ لسانه في الأعداء ما لا يبلغه السيف. وقوله: «وبرز مجادلاً على ذلك لكل من عطل وألحد» هو كالكلام الذي قبله في بلاغته وحسن بداعته؛ فإنه شبه الغرائب والعجائب بعالم يحاجج عن الله تعالى بالأدلة والبراهين على ربوبيته، ثم حذف المشبه به - وهو العالم المحاجج - وأتى بما يلائمه وهو البروز للجدال والمحاججة؛ فهي استعارة مكنية تبعية. وقوله: «مجادلاً» فيه استعارة تخييلية أصلية؛ لأنها في الاسم. ثُم في كون الجدال إنما هو لكل معطل وكل ملحد مِن حُسْنِ الكلام ولطافته ما لا يخفى؛ لأنه لا ينبغي أن يُناظر ويُحاجج ويُجادل بالأدلة وإقامة البراهين إلا المنكِر والمعطِّل والملحد، دون المقر والموحد فقد نظر لنفسه ومهد لِرمسه؛ فمجادلته شقاق، ومحاججته من سيما ذوي النفاق.

[معنى المعطل والملحد]:

  والمعطل: هو القائل بالتعطيل ونفي ذات الصانع تعالى.

  والملحد في اللغة: المائل، ومنه سمي اللحد لميله إلى شِق القبر، وقوله تعالى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}⁣[الأعراف ١٨٠]، أي: يميلون. وفي الاصطلاح: هو كل من نَفَى الصانعَ كالسوفسطائية، أو نفى اختيارَه كالفلاسفة والباطنية وغيرهم، أو أضافَ الخلقَ إلى غير الله تعالى كالمنجمة والدهرية والطبائعية والمطرفية والثنوية والمجوس وغيرهم. فتأمل ما في هذه الفِقَرِ والجملِ من فصيح الكلام، وبليغ ما نفثت به لسان ذلك الهمام #.

  (وصلاته وسلامه على جدنا النبي محمد) لما بدأ بالثناء على الله تعالى أتبعه بالثناء على رسوله ÷ كما هو اللائق بجنابه الشريف أن يجعل ذكره ÷ عقيب ذكر الله تعالى، وقد قال تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}⁣[الشرح ٤]، قيل: إن معناه: أي: لا أذكر إلا وأنت معي. واختلف في حكم الصلاة على