الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الصحابة والقول في عدالتهم]

صفحة 48 - الجزء 1

  وأنَّ مخالفَهُ مخالفٌ للحق والقرآن - فهو جهالة مفرطة، وتعامٍ عن الحق بعد وضوحه؛ لأن تلك الأحاديثَ صريحةٌ في تلك المعاني بحيث لا تحتمل غيرها، وإنْ تأوَّلَهَا وأخرجَها عن معانيها المصرحة بها بِغيرِ دلالة ولا مُوجِبٍ سوى تحسينِ الظن بمن عَدُّوه في الصحابة وهو عنهم بمكان بعيد - فليس ذلك إلا من باب اتباع الهوى، والمجادلة بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}⁣[القصص ٥٠].

  فهذه مسألة حكم الصحابة قد تَعَجَّلنا الكلامَ فيها وإِنْ كان الأليق بها أن تذكرَ عند الكلام على مسائل الإمامة، لكن لَمَّا كان المقصود شرح ألفاظ المختصر، وبيان إشارات المؤلف # بقوله: «وعلى صحابته المكرمين المؤيدين» إلى حكمهم، وهو العدالة والتزكية لمن استقام منهم على الحق عَهْدَهُ وبَعْدَهُ ÷، والحكم بخلاف ذلك لمن خالف الحق منهم عَهْدَهُ وبَعْدَهُ ÷ - لَزِمَ⁣(⁣١) بَسْطُ الكلامِ بما ذكر؛ ولأنه سيمر بك أيها المطلع من الكلام لأمير المؤمنين # في مسائل التوحيد والعدل وغيرهما من مسائل الكتاب مَا فيه الاستنارة والهداية لمعرفة الحق في تلك المسائل، فَحَسُنَ تقديمُ ما يدل على علو شَأْوِهِ⁣(⁣٢) وارتفاع شَأْنِهِ عند الله تعالى وعند رسوله ÷، وأن قولَهُ حجةٌ ومعيار للحق ومدار للصدق، سيما في العقائد الدينية والمسائل الأصولية التي الحق فيها مع واحد، فهو # إمام المتكلمين، وسابق العارفين، وأول من قرر قواعد هذا العلم، وأسبق من اعتقل شوارد هذا الفن، ودخله من باب السلم صلوات الله وسلامه عليه بعد أخيه سيد المرسلين وعلى جميع آلهم الطاهرين، وحشرنا في زمرتهم وتحت لوائهم آمين.


(١) جواب «لَمَّا».

(٢) الشأو: السَّبق والغاية والأمد. (مختار).