[معنى الرب]
[الباب الأول: في التوحيد]
  (أيها الطالب للرشاد) وهو الاهتداء إلى سبيل الحق المبين (والهارب بنفسه عن هوة الإلحاد) شَبَّهَ الإلحادَ - وقد عرفت معناه، وهو الميل عن الحق فيما يجب من إثبات الصانع تعالى وصفاته من كونه قادراً على كل المقدورات، عالماً بجميع أعيان وأحوال المعلومات، حيًّا دائمًا ليس له ابتداء وليس له انتهاء - بالمكانِ القعيرِ المنخفضِ، ثم حذف المشبه به - وهو المكان المنخفض - وأتى بما هو من خواصاته وهو الهُوِي إلى قعره، فهي استعارة مكنية. والهوة: فعلة من الهُوِي، وهو السقوط بشدة.
[معنى الرب]:
  (فإذا قيل لك: مَن ربك؟ فقل: الله ربي) الرب بمعنى: المالك، كما يقال: رب الدار، ورب الفرس، ومنه قوله تعالى: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ}[يوسف ٤٢] أي: مالك أمرك. واختلف فيه هل هو صفة ذات أو صفة فعل؟ فقال الإمامُ المهدي # وغيرُهُ: إنه صفة ذات؛ لأنه بمعنى المالك، والمالك: هو من يقدر على التصرف التام، وقادرٌ صفة ذات، فكذلك رب. وقال أبو القاسم البلخي: بل صفة فعل؛ لأنه مأخوذ من التربية، ولا تكون إلا بعد وجود الْمُرَبَّى.
  قال الإمام القاسم #: والحق أنهما - أي: مالك ورب - صفتا ذات لا بمعنى قادر؛ إذ لا يدلان على معنى قادر مطابقة، بل التزاماً كعالم، ولا قائل بأن عالماً بمعنى قادر، وليستا بصفتي فعل؛ لثبوتهما لغةً لمن لم يفعلْ مَا وضعا له، حيث يقال: «فلان رب هذه الدار» وإن لم يصنعها أو يزد فيها، ويقال: «فلان مالك ما خلف أبوه» وإن لم يحدث فعلاً، فَهُما صفتان له تعالى باعتبار أن المملوك له تعالى فقط، وهما حقيقتان قبل وجود المملوك.