الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[هل يصح أن يتقدم اللطف على الملطوف فيه وأن يكون من فعل غير الله]

صفحة 547 - الجزء 1

  في حق من له لطف، وعدم إمكانه في من لا لطف له: بأنه لا امتناع في أن يعلم الله تعالى أن في بعض الأفعال لطفاً للعبد بشرط أن لا يفعل معصية معينة، ومتى فعلها كانت مفسدة له مبطلة لذلك اللطف، فجرى سلب اللطفية منه مجرى العقوبة لما كان سبب عصيانه.

مسألة [الخلاف في معنى عصمة الأنبياء والملائكة $]:

  اختلف في معنى عصمة الأنبياء والملائكة $، فقال في القلائد، ونسبه الشارح إلى أكثر العدلية: إن معنى العصمة في حقهم هو اللطف في الترك، أي: ترك المعاصي، هذا معنى ما ذكره الماتن ولم يزد. قال الشارح: لكن قد علم الله أنهم يلتطفون فيما هم معصومون عنه فلا يفعلونه، وإنما لم يفعلوه اختياراً منهم للخير وتنكباً عن سبيل الهلكة.

  قلت: وكلام الماتن يحتاج إلى تكميل، وكلام الشارح فيه نظر.

  أما التكميل فلأن ما ذكره # يتناول العصمة عن فعل المحرمات، ولم يتناول العصمة عن الإخلال بالواجبات، مع أن عصمة الأنبياء والملائكة $ في الطرفين، فيقال حينئذ: العصمة في حق الأنبياء والملائكة هي اللطف في فعل جميع الواجبات وترك جميع المحرمات القطعية مطلقاً، والظنية الثابتة لديهم، فيفارقون غيرهم بعموم اللطف في ذلك؛ فينتج القطع بنجاتهم، وأن الحق فيما يدينونه ويعتقدونه من المعارف الإلهية وما يتبعها من النبوات والمعاد وسائر ما يتعلق بالعقائد، وأنهم لا يفعلون كبيرة البتة، سواء كانت من قبيل فعل محرم أو ترك واجب، وكذلك الصغائر إلا ما ليس فيه خسة ولا يقدح في التبليغ، على خلاف بين أئمتنا $ هل صدور ذلك منهم مع التأويل - كما هو الأظهر - أم يمكن ولو مع العمد، والله أعلم.

  وأما النظر في كلام الشارح | فهو أنه قال: يلتطفون فيما هم معصومون