الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[ضروب الواجبات التي كلف الله المكلفين بها]

صفحة 60 - الجزء 1

  مصلحة أو مفسدة معينة إلا بواسطة الرسل À، فما أمروا به علم وجوبه، وأن المصلحة في فعله والمفسدة في تركه، وما أرشدوا إلى فعله من دون وعيد على تركه علم ندبيته، وأن المصلحة في ندبيته والمفسدة في خلافها، وما نهوا عنه علم تحريمه، وأن المصلحة في تركه والمفسدة في فعله، وما أرشدوا إلى تركه من دون وعيد على فعله علم كراهته، وأن المصلحة في كراهيته والمفسدة في خلافها، وما سكتوا عنه علم أن المصلحة في إباحته والمفسدة في خلافها.

  وقلنا في الواجب والمحرم: إن المصلحة والمفسدة متعلقتان بالفعل والترك حسبما ذكر، وفي الثلاثة الآخرة إنهما⁣(⁣١) متعلقتان بنفس الندبية والكراهية والإباحة ومخالفتها - لأن المصلحة وإن تعلقت بفعل المندوب وترك المكروه فلا تتعلق المفسدة بترك المندوب وفعل المكروه وإلا لما افترقا عن الواجب والمحرم، وإنما المفسدة في مخالفة الندبية والكراهة، وهو أن يحكم للفعل المندوب بخلاف الندبية، بل بغيره من الأحكام الأربعة، أو يحكم للفعل المكروه بخلاف الكراهة، بل بغيره من الأحكام الأربعة، وكذلك المباح فإن المصلحة متعلقة بإباحته والمفسدة متعلقة بخلافها، وهو أن يحكم له بأحد الأحكام الأربعة، فإن المصلحة والمفسدة في هذه الثلاثة الأخيرة يتعلقان بالحكم الشرعي [في المصلحة]⁣(⁣٢) أو تغييره [في المفسدة]⁣(⁣٣) كما عرفت، وبهذا يندفع ما استشكله بعض الأصوليين من تعلق الثواب والعقاب بمعرفة المباح مع أنه لا ثواب ولا عقاب في فعله ولا تركه، فإن الثواب متعلق بمعرفة حكمه وتقريره على الإباحة، والعقاب يتعلق بمخالفة حكمه وهو الإباحة وإبدالها بحكم آخر من الأحكام الأربعة، فتأمل.


(١) أي: المصلحة والمفسدة.

(٢) ما بين المعقوفين مثبت في نسخة وحاشية في النسخة الأخرى.

(٣) ما بين المعقوفين مثبت في نسخة وحاشية في النسخة الأخرى.