الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

النعم التي اختص الله بها الصحابة بوجود الرسول ÷:

صفحة 190 - الجزء 2

  بها، فكانوا أسعد الناس به ÷، وأوجب عليهم حقاً له لما ألف الله بين قلوبهم على يده بعد أن كانوا أعداءً، وأعزهم ببركته بعدما كانوا أذلاء، وأورثهم أرض الكفار وديارهم وأموالهم بعد إذ كانوا فقراء، وأنكحهم ما ملكهم من بناتهم الحسان، وأخدمهم الرقيق من أولئك الولدان، وكان ÷ بين أظهرهم نعمة يغدون إليها ويروحون، ويمسون فيها ويصبحون، وينقلبون عليها ويستريحون، يشاورهم في الأمر وهو عنهم في غُنيَة، ويفاوضهم عند الحوادث بلا حاجة منه إليهم ضرورة إلا تطييباً لأنفسهم، وتكرماً منه ÷ بإدخال السرور عليهم، وإيناساً لهم، وتحبيباً إليهم، أنكحهم بناته الطاهرات وهم عنهن في انحطاط، وخالطهم بنفسه الشريفة وليسوا له بأخلاط، يتزوج يتيمتهم، ويكرم كريمتهم، ويعول أرملتهم، ويخلف من مات منهم أو غاب في أهله أحسن خلافة، ويبذل لمن نزل منهم بداره موجوده من الضيافة، يرحم صغيرهم، ويوقر كبيرهم، ويجهز أميرهم، ويعين مأمورهم، ويتفقد بنفسه الرفيعة أمورهم، ويتدارك بأخلاقه المتواضعة ما فسد من تدابيرهم، يعلم جاهلهم، ويرشد ضالهم، ويصل من وصلهم، ويقطع من ناواهم ونازلهم، يحل لهم ما كان محرماً لديهم، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، كل يوم ينظرون إلى جسمه الشريف، وكل حين يبصرون طلعة نوره المنيف، يتمتعون من خلقه العظيم، ويرتعون حول رياض تخلقه الكريم، يأجرهم الله تعالى على النظر إليه، ويتعبدهم بغض الصوت لديه، جعل الله مجاورته لهم حماية ومكرمة، وكتب في مساكنته إياهم أمنهم من العذاب ومرحمة، يشاركهم في المطاعم والمشارب فتنزل عليهم البركة، ويجيب داعيهم إلى الولائم والمواجب فتحف بهم الملائكة، يستنشقون ريح مسكه المختوم، ويرتشفون من رحيق لفظ دره المنظوم، نفثه على مرضاهم شفاء لهم من كل علة، ومسحته على أبدانهم دواء لها من كل خلة، وتقدم شربته عليهم رواء لهم من كل علة، وتناوله الطعام