الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 221 - الجزء 2

  الحسن بن علي، سلامٌ عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت به رسول الله ÷ من الفضل، وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله، إلى قوله: وذكرت وفاة النبي ÷ وتنازع المسلمين من بعده، فرأيتك صرحت بتهمة أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وأبي عبيدة الأمين، وحواري الرسول، وصلحاء المهاجرين والأنصار، فكرهت ذلك لك، إلى قوله: وقد فهمت الذي دعوتني إليه من الصلح، والحال فيما بيني وبينك اليوم مثل الحال الذي كنتم عليها وأبو بكر بعد النبي ÷، ولو علمت أنك أضبط مني للرعية، وأحوط على هذه الأمة، وأحسن سياسة، وأقوى على جمع المال، وأكيد للعدو لأجبتك إلى ما دعوتني إليه، ورأيتك لذلك أهلاً، ولكن قد علمت أني أطول منك ولاية، وأقدم منك لهذه الأمة تجربة، وأكثر منك سياسة، فأنت أحق أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني، فادخل في طاعتي ولك الأمر من بعدي، ولك ما في العراق من مالٍ بالغاً ما بلغ، فاحمله إلى حيث أحببت، ولك خراج أي العراق شئت معونة على نفقتك⁣(⁣١)، يجبيها أمينك، ويحملها إليك في كل سنة، ولك أن لا نستولي عليك بالأشياء⁣(⁣٢)، ولا نقضي دونك الأمور، ولا نعصي في أمر أردت به طاعة الله، أعاننا الله وإياك على طاعته، إنه سميع مجيب الدعاء، والسلام.

  قال جندب: فلما أتيت الحسن # بكتاب معاوية قلت له: إن الرجل سائر إليك، فابدأه بالمسير حتى تقاتله في أرضه وبلاده وعمله، فأما أن تقدر أن ينقاد لك فلا والله حتى يرى يوماً أعظم من يوم صفين. فقال #: أفعل، ثم قعد عن مشورتي، وتناسى قولي.


(١) في المخطوط: نفقتها، وما أثبتناه من (المقاتل).

(٢) في المقاتل وشرح النهج: بالإشاءة.