الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 222 - الجزء 2

  قلت وبالله التوفيق: فهذا كتاب الحسن # وهذا جواب معاوية لعنه الله، فانظر أيها الطالب الرشاد إلى الأصل والجواب، وتأملهما تجد الأصل جارياً على محض الحق والصدق، لم يعد وجه الصواب في شيء، ولم يشتمل على كذبة أو تزوير بشيء، وإنما هو دعاء لمعاوية إلى الدخول في طاعة الله، والرجوع إلى أمر الله، وحقن دماء المسلمين بجمع الكلمة، واحتجاج عليه بالحجة الصحيحة القاطعة أن أهل البيت $ أولى بسلطان أبيهم؛ إذ هم أقرب الناس إليه؛ لأن قريشاً إنما أخذت الأمر من سائر العرب بهذه الحجة، فكان أهل البيت $ بمقتضى هذه الحجة أولى بالإمامة والتولي على الأمة، غير أن قريشاً ما أنصفتهم بمقتضاها، فلم يكن من أهل البيت $ إلا النظر فيما يصلح الأمة المحمدية، وهو عدم شق الإسلام ولما تستقر قواعده، وترد شوارده، وتعقل أوابده، مع كون الناس قد بايعوا أبا بكر، ولم تحصل لآل محمد ÷ بيعة، وليس معهم ناصر سوى نفر يسير لا يظنون بهم نصرة، فرأوا الصلاح في مجاملة المتوثبين عليهم ممن مضى. ثم قال لمعاوية لعنه الله تعالى: إنا لا نعجب إلا من توثبك الآن مع كونك لست من أهل هذه الأمر، إلى آخر ما ذكره #، ولا موجب لمحاماتك؛ حيث إن الإسلام قد تقررت قواعده، واتسع نطاقه، وعلت شوكته، وبايعني الناس المسلمون أجمع إلا أنت ومن إليك، فالواجب عليك السمع والطاعة، وعدم شق العصا، وحقن دماء المسلمين بالدخول في طاعتي، وعدم البغي علي ومنازعتي، فهذا معنى كلام الحسن #، وهو الحق المحض والصدق الخالص مع قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}⁣[التوبة ١١٩]، وقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}⁣[النساء ٥٩]، وقوله تعالى: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ}⁣[الأحقاف ٣١]، وقوله ÷: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا»، وقوله ÷: «أهل بيتي كسفينة نوح»، «إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله وأهل بيتي»، «إني تارك