الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 231 - الجزء 2

  ابني هذا سيد، وسيصلح الله بين فئتين من المسلمين به»، فجزاك الله خيراً يا ابن رسول الله. انتهى.

  وقال ابن قتيبَة في كتاب السياسة والإمامة: إن الحسن # كاتب معاوية، فأتاه فخلا به، فاصطلح معه على أن لمعاوية الإمامة ما كان حياً، فإذا مات فالأمر للحسن #، فلما تم صلحهما صعد الحسن المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إن الله هدى أولكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا، وكانت لي في رقابكم بيعة تحاربون من حاربت، وتسالمون من سالمت، وقد سالمت معاوية وبايعته فبايعوه، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، وأشار إلى معاوية. انتهى.

  قلت: ولا يخفى على من توسم عبارة ابن قتيبة ما فيها من خدمة مذهبه الباطل واعتقاده العاطل من تصحيح إمامة معاوية لعنه الله بعد الصلح، وإن كان ما رواه عن الحسن # صحيحاً، وذلك أنه قال: إن الحسن # كتب إلى معاوية، وظاهرها أن ذلك ابتداء، لذلك لم يحك ما قد وقع قبل ذلك من مخادعة معاوية، وخذلان أصحاب الحسن # له، وإرسال الرسولين المذكورين سابقاً من طرف معاوية إلى الحسن # للمصالحة، كما حكى ذلك غيره من المؤرخين حسبما قد مر ذكره عمن ذكرناه منهم. ثم قال: «فأتاه فخلا به، فاصطلح معه على أن لمعاوية الإمامة ما كان حياً». وعبارة غيره: «على أن الأمر من بعد معاوية للحسن» كما مر في جواب معاوية على الحسن # أول المكاتبة، ولم يذكر لفظ الإمامة أحد في روايته سوى ابن قتيبة، وإن كان يوافق كلامه كلام الآخرين في أن معاوية يتولى الأمر وأن الحسن يتنحى عنه ما دام معاوية حياً، لكن في عبارته دسيسة ليست في عبارة غيره، وهي ما ذكرناه من خدمة مذهبه الباطل واعتقاده العاطل.

  قالوا: ثم إن معاوية لعنه الله تعالى خطب خطبة، قال أبو الفرج: طويلة، لم ينقلها أحد من الرواة تامة، وجاءت مقطعة في الحديث، وسنذكر ما انتهى إلينا