الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 230 - الجزء 2

  صلح الحسن # لمعاوية لعنه الله ما كان لقيه أناس من شيعته وشيعة أبيه فقالوا له بلسان واحد: يا مذل المؤمنين، ويا مسود وجوه المسلمين، فلما سمع # الكلام منهم دخل المسجد وارتقى المنبر، وكان من كلامه #: أيها الناس، والله ما بين جابرس وجابلق ابن بنت نبي غيري وغير أخي، فليكن استماعكم لكلامي على قدر معرفتكم بي، إنا كنا نقاتل وفينا الصبر والحمية، فقد شيب الصبر بالجزع، والحمية بالعداوة، وإنكم قد أصبحتم بين باكيين: باك يبكي لقتلى صفين، وخاذل يبكي لقتلى النهروان ثائر، وقد دعيتم إلى أمر ليس فيه رضا ولا نصفة، فإن كنتم تريدون الله واليوم الآخر حاكمناهم إلى ظبا السيوف وأطراف الرماح، وإن كنتم تريدون البقية⁣(⁣١) أخذنا لكم العافية. فتنادى الناس من جوانب المسجد: البقية البقية. فلما سمع الحسن # ذلك، وقد كان عرف بواطنهم جرى بينه وبين معاوية مراسلات ومكاتبات، حتى أنفذ الصلح بينهما على شروط دينية ودنيوية، ومن جملة الشروط على أن الأمر من بعد معاوية للحسن ثم للحسين، ذكر ذلك صاحب المنشورات، قال: وهذه رواية المنصور بالله # في الشافي، وهي رواية الحجوري عن أبي العباس الحسني #، قال: وفي شرح بن أبي الحديد نحو ذلك.

  وعلى كف الأذى والسباب، ورعاية شيعة علي # وشيعة الحسن #، وعلى أن يجري الأمور مجاريها الشرعية.

  قال الحجوري: وروى أبو القاسم الآمدي أن الحسن ومعاوية التقيا بمنزل بين الكوفة والشام، فقال الحسن لمعاوية: ماذا تقاتلني عنه، هل غير الدنيا، فإني قد اخترت ما عند الله وحقنت دماء المسلمين؟ فقام المغيرة بن شعبة فسكت الناس وأنصتوا لكلامه فقال: أشهد أني سمعت رسول الله ÷ يقول: «إن


(١) في الشافي: وإن كنتم تريدون الحياة الدنيا.