الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 233 - الجزء 2

  الكوفة صعد المنبر وخطب، فكان مما قاله: ما أظهرني الله عليكم إلا وهو يريد ذلك. قال: ولما بايعَ الحسن # أدخل قيس بن سعد بن عبادة | ليبايع، فأقبل على الحسن # فقال: أنا في حل من بيعتك؟ قال: نعم، وكان رجلاً طويلاً يركب الفرس المشرف ورجلاه تخطان الأرض، وما في وجهه طاقة شعر، وكان يسمى خصي الأنصار، ولما أرادوا أن يدخلوه على معاوية وقد وضعوا له كرسياً وجلس معاوية على سريره قال: إني قد حلفت أني لا ألقاه إلا وبيني وبينه الرمح أو السيف، فأمر معاوية برمح أو سيف فوضع بينه وبينه ليبر في يمينه، فقال له معاوية: أتبايع، قال: نعم، فوضع يده على يمينه فلم يمدها إلى معاوية، فأكب معاوية على قيس حتى مسح على يده وما رفع قيس إليه يده، هكذا حكاه أبو الفرج.

  ثم روى بإسناده إلى إسماعيل بن عبد الرحمن أن معاوية أمر الحسن # أن يخطب لما سلم إليه الأمر، وظن أنه # سيحصر، فقال في خطبته: إنما الخليفة من سار⁣(⁣١) بكتاب الله وسنة نبيه، وليس الخليفة من سار بالجور، ذاك مَلِكٌ مَلَك مُلْكاً تمتع فيه قليلاً ثم تنقطع لذته وتبقى تبعته، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين. قال: وانصرف الحسن إلى المدينة فأقام بها وانصرف معاوية إلى الشام بعد أن جعل على الكوفة عاملاً من طرفه⁣(⁣٢)، وكان الحسين بن علي @ مع صنوه # يشاوره الأمر، ويفضي إليه الأسرار.

  قال صاحب المنشورات ¦: إن الحسين بن علي ~ لما رأى أخاه الحسن # مجمعاً على الصلح عند ذلك خاض مع أخيه خوضاً طويلاً، فبين له الحسن حقيقة الأمر وخيانة أصحابه حتى بني عمه، وأنه لم يبق على النصح إلا أعيان صالحين وزهاد متقين.


(١) في المخطوط: من سئل، وما أثبتناه من (المقاتل).

(٢) يوجد بياض في المخطوطة بعد هذه الكلمة.