الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 234 - الجزء 2

  وفي ذلك ما رواه السيد أحمد عن الحاكم من كتاب السفينة عن عمارة بن ربيعة قال: قال الحسين للحسن @: أجاد أنت فيما أرى من موادعة معاوية؟ قال: نعم، قال: «إنا لله وإنا إليه راجعون» ثلاثاً، قال: لو لم نكن يا أخي إلا في ألف رجل لكان ينبغي لنا أن نقاتل على حقنا حتى ندركه أو نموت وقد أعذرنا، فقال الحسن #: وكيف لنا يا أخي بألف رجل من المسلمين؟ إني أذكرك الله أن تفسد علي ما أريد أو ترد علي أمري، فوالله ما ألوك ونفسي وأمة محمد ÷ خيراً، إنك ترى ما نقاسي من الناس، وما كان يقاسي منهم أبوك من قبلنا حتى كان يرغب إلى الله سبحانه وتعالى في فراقهم في كل صباح ومساءٍ، ثم قد رأيت ما صنعوا بي، أفبهؤلاء نرجو أن ندرك حقنا؟ إنا يا أخي اليوم في سعة وعذر كما وسعنا العذر حين قبض نبينا محمد ÷، فكف الحسين # وسكت.

  وذكر ابن قتيبة في ابتداء الأمر والمبايعة للحسن # أن الناس أتوا الحسن بن علي @ فقال لهم: تبايعوا لي على السمع والطاعة، وتحاربون من حاربت، وتسالمون من سالمت. فلما سمعوا ذلك ارتابوا وأمسكوا أيديهم، وقبض هو يده، فأتوا الحسين # فقالوا له: أبسط يدك نبايعك على ما بايعنا عليه أباك، وعلى حرب المحلين الظالمين أهل الشام، فقال الحسين #: معاذ الله أن أبايعكم ما كان الحسن حياً. قال: فانصرفوا إلى الحسن فلم يجدوا بداً من مبايعته على ما شرط عليهم، وذكر أن سليمان بن صرد وكان سيد أهل العراق ورئيسهم دخل على الحسن # وقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال الحسن #: وعليك السلام، اجلس لله أبوك، فجلس سليمان فتكلم هو ومن معه بكلام طويل، حاصله لوم الحسن # على الصلح، وأن معاوية قد نقضه بقوله: ألا إن كل ما أعطيته الحسن فقد جعلته تحت قدمي هاتين⁣(⁣١)، فليأذن لهم أن


(١) في المقاتل: هاتين.