الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

صفحة 252 - الجزء 2

  وبينهم حتى نضرب أعناقهم، فقال معاوية: سبحان الله! ما أحل دماء قريش عندكم يا أهل الشام، لا أسمع لهم ذكراً بسوءٍ، فإنهم قد بايعوا وسلموا وارتضوا فرضيت عنهم ¤، ثم ارتحل وقد أعطى الناس عطياتهم وأجزل لهم العطاء. انتهى ما أردت نقله في هذا الموضع من كتاب ابن قتيبة، كله باللفظ إلا اليسير فبالمعنى مع الاختصار، إلا ما ذكرته عقيب قوله: وانصرف ذاهباً إلى منزله ولم يجبه أحد إلى ما دعا إليه، إلى قوله: أمر من حرسه وشرطته قوماً الخ فليس من كلام الراوي، بل هو مقتضاه ومفهومه، فتأمل.

  وقد ذكر نحوه في كتب أئمتنا $، إلا أن الحجة على الخصم بروايته أقطع لشبهته. فلينظر الناظر، ويتدبر المتدبر، ويتفكر المتفكر، ويعتبر المعتبر كم احتوت هذه الجملة على مساوئ ومآثم ومظالم لذلك الطاغية، من إرادة حمل الناس على البيعة لسفيه شراب الخمور، مرتكب أنواع الخلاعة والفجور، ومن الزور والكذب الذي في أثناء كلامه، ومن النفاق والرياء بإظهار المحبة والرضا من أولئك النفر الذين أحدهم ابن رسول الله ÷، وإظهاره الاشتياق والمحبة لأهل المدينة وهو يستحل دماء الجميع، لو أمكنته الفرصة إن عارضوه في دنياه الفانية، ومن الظلم الواقع على من ذكر في جواب الحسين # عليه بقتل حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق، وعبد الله بن الحضرمي، ومن معهم ممن أخلقت العبادة وجهه، ولا ذنب لهم إلا محبتهم أمير المؤمنين # وعدم التبري منه، ومن استلحاقه لزياد بأبي سفيان وهو ابنه من الزنا، وولد الزنا لا يلحق بأبيه شرعاً؛ لقوله ÷: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، ومن توليته زياداً على الكوفة والبصرة فقتل المسلمين وأولاد المسلمين، روى ابن أبي الحديد في الشرح: أنه كان من بعد صلاة العشاء الآخرة يقع فساد بالبصرة، فخطب خطبة يقول فيها ما معناه: ومن ظهر بعد صلاة العشاء برئت منه الذمة، ودمه حلال، وأجل الناس شهراً ليعلم الحاضر الغائب، فلما مضى الشهر دعا أمير الشرطة وأمره يبث العسكر في السوق وفي سكك المدينة