[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $
  يزيد شارب الخمر ومشتري اللهو خير مني؟ فقال معاوية: مهلاً عن شتم ابن عمك، فإنك لو ذكرت عنده بسوءٍ لم يشتمك، ثم قال: أيها الناس، قد علمتم أن رسول الله ÷ قبض ولم يستخلف، ثم استخلف أبو بكر عمر، ثم جعلها عمر شورى، فصنع أبو بكر وصنع عمر ما لم يصنعه أبو بكر، كل ذلك يصنعونه نظراً للمسلمين، فلذلك رأيت أن أبايع ليزيد لما وقع الناس فيه من الاختلاف، ونظراً لهم بعين الإنصاف. فقام إليه ابن الزبير فأجابه حتى قال: فإن شئت أن تدع الناس على ما تركهم رسول الله ÷ فيختارون لأنفسهم، وإن شئت أن تستخلف كما استخلف أبو بكر خير من يعلم من قريش، وإن شئت أن تصنع مثل ما صنع عمر تختار رهطاً من المسلمين وتزويها عن ابنك فافعل. فنزل معاوية عن المنبر وانصرف ذاهباً إلى منزله، ولم يجبه أحد إلى ما دعا إليه، ولما أَيِس عن مبايعة أهل المدينة وخشي إن انصرف من المدينة على ذلك انتقص عند أهل الشام، ويخشى مع ذلك عدم حسن ظنهم به وبابنه لعنهما الله تعالى أمر من حرسه وشرطته قوماً يحضرون هؤلاء النفر الذين بسببهم لم يبايعه أحد، وهم: الحسين بن علي @، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأوصاهم معاوية وقال: إني خارج العشية إلى أهل الشام فأخبرهم أن هؤلاء النفر قد بايعوا وسلموا، فإن تكلم أحد منكم بكلام يصدقني أو يكذبني فلا ينقضي كلامه حتى يطير رأسه، يحذر القوم ذلك، وقد كان لعنه الله تعالى أتى في جيش عظيم من أهل الشام والحرس والشرط، فحذر القوم ذلك، فلما كان العشي خرج معاوية وخرج معه هؤلاء النفر وقد كسا كل واحد منهم حلة وهو يضاحكهم ويحدثهم، فأظهر لأهل الشام الرضا عن هؤلاء النفر، وقال لأهل الشام: إن هؤلاء النفر دعاهم أمير المؤمنين فوجدهم واصلين مطيعين، وقد بايعوا وسلموا، قال: والقوم سكوت لم يتكلموا شيئاً حذر القتل، فوثب أناس من أهل الشام فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن كان رأيك منهم ريب فخل بيننا