الأدلة على أن الإمامة محصورة في البطنين:
  وهذا دليل جيد قوي الدلالة لكنه مبني على القول بعدم وجوب الإمامة عقلاً فيفيد حصرها في الفاطميين قطعاً، لأن مقدمتيه يقينيتان، اللتان هما: قبح الإمامة عقلاً، وجوازها في الفاطميين شرعاً، ودليل الأولى: أنها تصرف في أمور ضارة من القتل والصلب ونحوهما، ودليل الثانية: الإجماع على جوازها في الفاطميين مع عدمه فيمن عداهم، فلزمت النتيجة، وهي حصرها فيهم دون غيرهم. وفيه سؤال للقائلين بوجوب الإمامة عقلاً، وهو أن يقال: ولم قلتم بقبح الإمامة نفسها مع أن ليس في ذاتها ما يقتضي القبح؛ لأنها ولاية عامة الخ ما ذكر في حدها؟ فلا قبح في جنس الحد، ولا فيما ذكر من الفصول بعده، وما عللتم به من القتل والصلب ونحوهما وإن حكم العقل بقبحه فليس يحكم العقل بذلك على الإطلاق، بل مع خلوه عن السبب المقتضي، وإن سلم على التنزل فإنما يحكم العقل بقبح نفس القتل والصلب ونحوهما، لا قبح الإمامة نفسها؟
  والجواب: لمن يقول لا تجب إلا سمعاً من وجهين:
  أحدهما: أن يقال: إن الإمامة تقتضي ما أصله القُبح، وهو القتل والصلب، وما اقتضى القبيح قَبُح بلا إشكال، والقتل والصلب قد قضى العقل بقبحهما نظراً إلى أن أصلهما إضرار بالغير، ولا إشكال أيضاً أن الضرر بالغير قبيح، وإنما حسن بعد ورود الشرع به، وذلك أمر شرعي لا نزاع فيه، وهذا الوجه مقتضى كلام المؤلف #.
  الوجه الثاني: أن يقال: إن أصل الإمامة وجنسها المذكور في الحد هو التولي على الغير والترأس والتصرف في ماله ودمه، وهذا لا يجوز عقلاً إلا بدليل ناقل، وهو الشرع، فصح ما قلناه: إن أصل الإمامة القبح، وإنما حسنت شرعاً لا غير.
  ويمكن أن يجاب عن الوجهين جميعاً بأن يقال: لا يسلم أن أصل الإمامة القبح وإن كانت تولياً على الغير وترأساً عليه وتصرفاً في ماله ودمه مهما كان فيها